إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات
Read this in English

الغارات الجوية الإسرائيلية تدمر ميناء الحديدة وليس معنويات الحوثيين

وجهت إسرائيل ضربة إلى اليمن بشكل مباشر لأول مرة خلال الصراع الدائر ردًا على اختراق طائرة مسيرة حوثية لأنظمة الدفاع الإسرائيلية وانفجارها في تل أبيب. كان هجوم الحوثيين في 19 يوليو/تموز هو الأول من نوعه الذي يصل إلى وسط إسرائيل، وأسفر عن مقتل شخص وإصابة 10 آخرين، لكن هذا الهجوم جاء ضعيفًا ومحدودًا مقارنة بالرد الإسرائيلي في اليوم التالي، حيث تضمنت العملية الانتقامية، التي أطلق عليها اسم “عملية الذراع الممدودة” خمس غارات جوية متزامنة على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في الحديدة، باستخدام صواريخ أطلقت من طائرات مقاتلة من طراز F-15 وF-16 وF-35 .

استهدفت الضربات ميناء الحديدة ومحطة كهرباء رأس الكثيب الواقعة شمالي مدينة الحديدة على طول الساحل، وأسفرت عن مصرع ستة أشخاص جميعهم من موظفي الميناء التابعين لشركة النفط اليمنية، بينما أصيب أكثر من 80 آخرين وتم نقل العديد منهم إلى المستشفى نتيجة إصابتهم بحروق خطيرة.

تبين أن الأضرار الأولية كانت كبيرة، وخاصة التي لحقت بخزانات الوقود، حيث تسببت في انفجارات ثانوية وحرائق استمرت لعدة أيام. قدر مسؤول في الميناء أن قيمة الأضرار – باستثناء الوقود – تجاوزت 20 مليون دولار أمريكي، بينما ذكر مسؤول حوثي لمركز صنعاء، أن تكلفة البنية التحتية المتضررة للميناء والوقود المفقود والمستودعات المدمرة قد تصل إلى 500 مليون دولار أمريكي.

فضلا عن ذلك، تعرض ميناء الحديدة لأضرار جسيمة، ومن ذلك رافعتان تحتاجان إلى إصلاحات فورية، ناهيك عن الشواغل الإنسانية الكبيرة التي أثارها الهجوم حيث تتدفق أكثر من 80% من المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية والوقود في البلاد – والتي يعتمد عليها 28 مليون يمني – عبر ميناء الحديدة. من جانبه، أفاد برنامج الاغذية العالمي أن الهجمات ألحقت الضرر بـ 33 من خزانات النفط وبنحو 800 ألف لتر من الوقود المملوك لبرنامج الأغذية العالمي.

رغم الدمار الذي لحق بالميناء، حاول الحوثيون إظهار عدم تأثرهم بالضربات: فبعد أربعة أيام فقط، أُعيد فتح وتشغيل الميناء وكان يستقبل الشحنات، ففي غضون أيام، تعهدت قيادة الجماعة بالرد، وبحلول الرابع من أغسطس/آب، استأنف الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية.

في 15 سبتمبر/أيلول، استهدفت الجماعة تل أبيب بصاروخ جديد من نوع ( فلسطين 2)، والذي تحطم بعد اعتراضه فوق وسط إسرائيل. وفي حين نفى المسؤولون الإسرائيليون مزاعم الحوثيين بأن صاروخ فلسطين 2 كان من نوع الصواريخ الفرط صوتية، لكن الهجوم لا يزال يمثل مؤشرًا جديدًا على قدرات الجماعة: فقد قطع الصاروخ مسافة 2000 كيلومتر في غضون 11 دقيقة فقط ونجح (ولو مؤقتاً) في تفادي الطبقة الأولى من أنظمة الدفاع الإسرائيلية.

مرّ أسبوعان كاملان قبل الهجوم المضاد الثاني الذي شنته إسرائيل في 29 سبتمبر/أيلول، والذي جاء كجزء من هجوم منسق أكبر على أذرع محور المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن في أعقاب اغتيال إسرائيل لزعيم حزب الله “حسن نصر الله” في لبنان قبلها بيومين.

كما حدث في يوليو/تموز، استهدفت الغارات الجوية خزانات الوقود الرئيسية والبنية التحتية للطاقة في موانئ الحديدة ورأس عيسى ورأس الكثيب ومنطقة الحالي. على عكس سابقتها، بدا أن هجمات سبتمبر/أيلول أقل ضرراً بشكل ملحوظ، ويرجع ذلك على الأرجح إلى توقع حدوثها من قبل الحوثيين، فَمعظم خزانات الوقود التي ضُربت في رأس عيسى كانت – على ما يبدو – فارغة إلى حد ما، وفي غضون 24 ساعة، تم استعادة الطاقة جزئياً في اثنتين من محطات الكهرباء المستهدفة. هذا وأفادت وزارة الصحة التابعة لسلطة الحوثيين عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة 40 في الهجمات.

في المجمل، كانت الهجمات الإسرائيلية على موانئ الحديدة من نوع مختلف تمامًا عن الغارات الجوية الأمريكية -البريطانية ضد مواقع إطلاق الصواريخ الحوثية، والتي تهدف إلى الحد من قدرة الجماعة على استخدام الصواريخ والطائرات المسيرة في الهجمات ضد حركة الملاحة في البحر الأحمر، ففي حين اتسمت هجمات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالحذر بشكل ملحوظ، من خلال تجنبهما بشكل عام قصف المناطق المكتظة بالسكان والبنية التحتية مزدوجة الاستخدام والهياكل الأساسية المدنية، لا يتقيد الإسرائيليون بنفس المخاوف التي خففت من وقع الهجمات التي يشنها الغرب، بل إن الضربات الإسرائيلية جاءت كرسالة إلى قيادة الحوثيين لتذكيرهم بالثمن الباهظ الذي سيتكبدونه في حال شن مزيد من الهجمات على تل أبيب.

في هذا السياق، يبدو أن إسرائيل تشاطر الولايات المتحدة سوء التقدير والحسابات الخاطئة بشأن الجماعة، فمن غير المرجح أن يتراجع الحوثيون عن موقفهم لسبب لا يهدد بشكل جدّي قيادة الجماعة أو قدرتها على الاحتفاظ بالسلطة، لا سيما وأنهم اكتسبوا صلابة على مدى سنوات من الغارات الجوية التي شنها التحالف بقيادة السعودية ، واستعدادهم لتحمل أي ضربات بل واستغلال معاناة المدنيين. على نحو مماثل، يعكس الدعم الشعبي لهجمات الجماعة ضد إسرائيل – والتي شُنت ظاهريا نُصرة لغزة والآن لبنان – نجاح الخطاب الدعائي التي تبنته الجماعة في السنوات الأخيرة. في ظل فراغ السلطة الذي أعقب مقتل نصر الله، قد يشعر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أن وقته حان لتولي زمام الأمور كزعيم لمحور المقاومة الذي تقوده إيران. من هذا المنطلق، لا يُستبعد أن تكون الهجمات الأخيرة التي شنها الحوثيون في أعقاب ضربات 29 سبتمبر/أيلول بمثابة رسالة إلى جميع الأطراف المعنية بأن الحوثيين لن يستسلموا.

قد يكون اليمن بمنأى عن سياسة الأرض المحروقة التي تستخدمها إسرائيل في حربها على غزة والآن في لبنان، وذلك ببساطة بسبب الترسانة المحدودة التي يمتلكها الحوثيون والتي لا تشكل تهديداً مباشراً على تل أبيب، لكن من الملاحظ أن قدرات الصواريخ والطائرات المسيرة التي تمتلكها الجماعة تتطور باستمرار. في حال اكتسب الحوثيون القدرة على إلحاق أضرار جسيمة أو متكررة بإسرائيل، فإن كل الرهانات تصبح خاسرة.

تراجع وتيرة هجمات الحوثيين إلى النصف، والولايات المتحدة تضخ المزيد من الأموال للدفاع عن حركة الملاحة في البحر الأحمر

دخلت الغارات الجوية الأمريكية – البريطانية في اليمن شهرها العاشر في أكتوبر/تشرين الأول 2024، حيث أوردت تقارير أن الضربات الأمريكية استهدفت ودمرت ما مجموعه 141 منظومة أسلحة تابعة للحوثيين خلال الأشهر الثلاثة الماضية. تواصل القيادة المركزية الأمريكية توثيق الضربات على حسابها على موقع إكس، عبر الإشارة إلى نفس القائمة الطويلة من الأهداف التي يتم ضربها منذ ما يقرب من عام – والمتمثلة في مواقع تخزين أسلحة ومنصات إطلاق صواريخ أو عبر إسقاط طائرة مسيرة من حين لآخر – وذلك في محاولة للتصدي لهجمات الحوثيين ضد حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر.

إلى جانب دعم الولايات المتحدة لإسرائيل والجهود الرامية لمواجهة فصائل أخرى في محور المقاومة، كبدت هذه الضربات والدوريات البحرية للقوات الأمريكية تكلفة باهظة على جيوب المواطنين الأمريكيين، حيث كشف تقرير حديث أن الحرب في غزة استنزفت ما يقدر بنحو 22.76 مليار دولار أمريكي من أموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة، وشمل هذا المبلغ قيمة المساعدات العسكرية لإسرائيل (17.9 مليار دولار أمريكي) و4.86 مليار دولار أمريكي تكاليف العمليات البحرية الأمريكية في البحر الأحمر ــ وهي تكلفة باهظة لسياسة وصفها أحد الجنرالات الأمريكيين في وقت سابق من صيف هذا العام بالـ “فاشلة“.

فضلاً عن ذلك، لم تلق هذه الضربات استحسان القيادات اليمنية المناهضة للحوثيين، حيث صرّح نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي في مقابلة مع صحيفة الجارديان في سبتمبر/أيلول بأن “الضربات الجوية، بدلاً من ردع الحوثيين، لها تأثير معاكس … [فهي] تساعدهم وتجعلهم أقوى”.

يواصل الحوثيون التظاهر بعدم تأثرهم بالضربات، لكن بدا أنهم يبطئون وتيرة عملياتهم ضد حركة الملاحة التجارية، حيث تم تأكيد استهداف اثنتي عشرة سفينة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أي ما يزيد قليلاً عن نصف عدد السفن الـ 21 التي استهدفتها الجماعة في الربع السابق. تباينت المعلومات عن السفن المستهدفة والجهات المالكة لها، كما حدث في الأشهر السابقة، علما بأن الحوثيين زعموا منذ مايو/أيار، أن أي سفينة مملوكة لشركة تستخدم الموانئ الإسرائيلية ستكون هدفًا مشروعًا، إلاّ أن العديد من الهجمات لا تتسق مع هذا الخطاب.

كان غرق ناقلة النفط “سونيون” اليونانية – من نوع “سويس ماكس” – أحد أخطر الحوادث التي وقعت إثر هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، حيث أصيبت الناقلة التي كانت تحمل ما يقرب من مليون برميل من النفط الخام العراقي، في 21 أغسطس/آب. هدّد هذا الحدث الدراماتيكي – الذي تضمن صعود مسلحين حوثيين على متن الناقلة بعد إجلاء طاقمها وزرع متفجرات إضافية لأغراض دعائية – بكارثة بيئية لعدة أسابيع، لكن الجهود التي قادتها القوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي لقطر السفينة إلى “منطقة آمنة” نجحت في تفادي الكارثة بعد أن رفضت جماعة الحوثيين تحمل المسؤولية عن الناقلة.

مع استمرار تهديد الحوثيين لأمن الملاحة البحرية، يواصل البنتاغون تمويل عمليات ردع هجماتهم في البحر الأحمر. في 3 أكتوبر/تشرين الأول، أفادت بلومبرج بأن الولايات المتحدة تخطط لإنفاق 1.2 مليار دولار أمريكي على عملياتها في البحر الأحمر، وتشمل البنود المقترحة: أنواع متعددة من الصواريخ، القذائف الموجهة بالليزر، أنظمة اعتراض الطائرات المسيرة، وصيانة السفن المنتشرة في المنطقة.

لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه البنود الإضافية في نفقات الميزانية سيصاحبها تغيير في الاستراتيجية الأمريكية، لكن بغض النظر عن ذلك، من المرجح أن يتسم أي عمل عسكري مستقبلي بطابع وقائي – إذ تواصل الولايات المتحدة اتباع نهج حذر تجاه أي تصعيد آخر مع الحوثيين، بما في ذلك فكرة توفير الأسلحة لاطرف أخرى في المعسكر المناهض للحوثيين مثل قوات المقاومة الوطنية التابعة لطارق صالح أو المجلس الانتقالي الجنوبي – وحثها من قبل بعض الأطراف اليمنية على استهداف مسؤولين حوثيين. لكن مع انخراط إسرائيل بشكل مباشر الآن في الصراع، قد تجد الولايات المتحدة قوة غاشمة يمكن استخدامها بطريقة تغير استراتيجيتها المتزنة حتى الآن.

الحوثيون يلجأون إلى الروس، مع استمرار تدفق الأسلحة إلى الحديدة

في الأشهر الأخيرة، استمرت عمليات يشتبه بتهريبها الأسلحة إلى الحوثيين، وهو ما أثار استياء القوى الغربية التي تبدو مهامها في البحر الأحمر وكأنها ثابتة لا تتحرك. ففي الأشهر الثلاثة الماضية، رصد مركز صنعاء 19 عملية تهريب مشتبه بها على طول سواحل الحديدة، 11 منها حدثت في شهر سبتمبر/أيلول وحده.

على غرار معظم سيناريوهات تهريب الأسلحة التي تداولتها مصادر محلية، غالباً ما تنطوي هذه العمليات على استقبال موانئ صغيرة (مخصصة لاستخدامات غير مدنية) لسفن كبيرة في مواعيد غير مقررة، بحيث تُغلق الطرق والمناطق المحيطة بهذه الموانئ ويُمنع الصيادون من دخول المياه القريبة. بحسب ما ورد، رست عدة قوارب خلال الربع الثالث من العام الجاري في 10 مواقع إجمالاً، ومن بينها المناطق الواقعة على طول مديرية اللحية شمالاً إلى مديرية التحيتا جنوباً. لا يُعرف بعد محتوى هذه الشحنات، ولكن يحتمل أن تضم قطع غيار للصواريخ والطائرات المسيرة وأسلحة أخرى يتم تجميعها أو تخزينها في مستودعات بعيدة عن هذه الموانئ. فضلا عن ذلك، وثّق مركز صنعاء زيارات يشتبه بأنها لمستشارين عسكريين أجانب إلى الحديدة لعدة مرات خلال الأشهر الأخيرة.

من المرجح قدوم العديد من شحنات الأسلحة تلك من موانئ أخرى عبر البحر الأحمر – فقد تم توثيق منذ فترة طُرق تهريب الأسلحة للحوثيين من أفريقيا، حيث كان لمهربي الأسلحة في إريتريا والسودان دور رئيسي في تلك العمليات خلال فترة ما بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلاّ أن الأسلحة المتطورة – مثل قطع غيار الصواريخ – منشأها في إيران ويتم شحنها إلى الموانئ الأفريقية أو تسليمها إلى قوارب في عرض البحر الأحمر.

تمكنت الدوريات الأمريكية والأوروبية في البحر الأحمر من إجهاض بعض عمليات تدفق الأسلحة خلال الأشهر الأخيرة، حيث أفاد مصدر في ميناء المخاء عن اعتراض شحنة تحمل قطع غيار صواريخ وطائرات مسيرة مؤخراً من جيبوتي.

في حين يتطلع الحوثيون إلى تعزيز ترسانتهم وتفادي الرقابة البحرية على عمليات تهريب الأسلحة إليهم، قد يوسعون من شبكة توريد الأسلحة لتشمل موسكو، لا سيما مع احتمال فشل الجهود الأمريكية لمنع صفقة أسلحة بين الحوثيين وروسيا في يوليو/ تموز الماضي. أشارت وكالة رويترز مؤخرًا إلى أن هذه الصفقة مستمرة، بل وأصبحت ترتيباتها الآن تحت وساطة من إيران؛ وفي حال نجحت هذه الصفقة المُشار إليها، فقد تشهد تسليم عدد من صواريخ بي-800 أونيكس (ياخونت) – وهي صواريخ كروز مضادة للسفن تفوق سرعتها سرعة الصوت، وتتميز بمستوى عالٍ من الدقة يتجاوز أي سلاح آخر في ترسانة الحوثيين، وهو ما قد يجعل واشنطن والاتحاد الأوروبي في حالة تأهب قصوى لا سيما مع النشاط الروسي غير المعتاد في الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين في وقت سابق من هذا الصيف.

جبهات كرش تبرز كمركز قتال، وسيول الحديدة تُعطل الخطط العملياتية

استمرت المعارك المنتظمة على الجبهات بين الحوثيين ومختلف القوات الموالية للحكومة وتلك المدعومة من الإمارات، مع تغير خطوط المواجهة نسبياً خلال الأشهر الثلاثة الماضية. شملت بؤر القتال الساخنة المنطقة الحدودية بين تعز ولحج (المعروفة باسم جبهات “كرش”)، ووسط الضالع، ومناطق جنوبيّ الحديدة بالقرب من الحدود مع تعز، والمناطق المحيطة بمدينة مأرب.

واصل كل طرف الدفاع عن تقاطعات الطرق الحيوية والمناطق المرتفعة، مع تغييرات طفيفة فقط في مناطق السيطرة. في 6 سبتمبر/أيلول، وقعت معارك رئيسية بعد هجوم مفاجئ شنته جماعة الحوثيين ضد قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في مديرية المسيمير بمحافظة لحج، واستولى الحوثيون في الهجوم على عدة مواقع عسكرية في المنطقة الجبلية الأمر الذي دفع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات ألوية العمالقة المدعومة إماراتياً إلى نشر تعزيزات بسرعة. شنت هذه القوات هجومًا مضادًا في آخر المطاف، وتمكنت بعد عدة أيام من القتال العنيف من استعادة السيطرة على مواقع تمركزها الأصلية بالإضافة إلى السيطرة على موقع تابع للحوثيين.

في أوائل سبتمبر/أيلول، توقفت المعارك القتالية بين الأطراف المتناحرة على جميع الجبهات تقريباً في الحديدة بسبب الأمطار الغزيرة، حيث جرفت السيول التحصينات الدفاعية التي وضعها الجانبان وطمرت أماكن كان يستخدمها الحوثيين كمخازن للأسلحة. استؤنف القتال تدريجياً في الآونة الأخيرة بعد إطلاق قذائف هاون على نطاق محدود في المنطقة الجبلية بين مديرية مقبنة بمحافظة تعز ومديرية حيس جنوبيّ الحديدة، لكن لا يتوقع أن تُستأنف الاشتباكات في الحديدة بشكل واسع لحين تعزيز التحصينات الدفاعية إلى مستويات ما قبل السيول.

في مأرب، شهد مطلع يوليو/تموز، هجوماً شنه الحوثيون على قوات ألوية العمالقة المدعومة إماراتياً على طول الحدود بين مديريتي حريب والعبدية، انتهى بتصدي قوات ألوية العمالقة واستعادتهم السيطرة على موقع جبل العرش العسكري الاستراتيجي. كما فشلت محاولات الحوثيين بتوسيع رقعة سيطرتهم بعد تعثر عمليات التقدم العسكري في ذلك الشهر على جبهة روضة بمديرية صرواح شمال غرب مدينة مأرب، وشمالاً في مديرية رغوان.

التطورات الأخرى في سطور

25 يوليو/تموز: صدرت توجيهات لقوات خفر السواحل في حضرموت بالانسحاب من منطقة راس باغشوة شرق مديرية الديس، بعد أسابيع من الاحتجاجات نظمها أبناء قبائل الحموم. زعم أبناء القبائل أن وجود الجنود يهدد الأراضي السكنية والزراعية – ووصفوا المنطقة بأنها “واحدة من آخر الملاذات” التي غادروها، وذكرت وسائل إعلام محلية أن بعض الناشطين انتقدوا عملية الانسحاب مجادلين بأن ذلك سيصب في مصلحة المهربين وتجار الأسلحة، حيث تشتهر المنطقة بين السكان المحليين باعتبارها بؤرة ساخنة لدخول السلع المهربة.

16 أغسطس/آب: تمكن مسلح من تنظيم القاعدة من تفجير سيارة مفخخة في القاعدة العسكرية للواء الثالث دعم وإسناد التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي في مديرية مودية بمحافظة أبين. أسفر الانفجار عن مقتل 16 جنديًا وإصابة 18 آخرين. يُعد هذا أول هجوم انتحاري ضد القوات المنضوية تحت راية عملية سهام الشرق لمكافحة الإرهاب في أبين، وتم تنفيذه في الذكرى الثانية لإطلاق العملية.

29 أغسطس/آب: كلف عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي، زميله في مجلس القيادة الرئاسي وقائد قوات العمالقة/ عبد الرحمن المحرمي (المعروف بأبو زرعة) بإدارة ملف الأمن ومكافحة الإرهاب بالقوات المسلحة الجنوبية – وهي تحالف واسع يضم الوحدات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي ووحدات أخرى مدعومة من الإمارات.

31 أغسطس/آب: داهم رجال من قبيلتي آل أبو صالح وقيفة السجن المركزي في رداع بالبيضاء، بعد انتشار أنباء تفيد بأن قوات الحوثيين زيفت معلومات عن واقعة اغتصاب صبي من قبيلة آل أبو صالح يبلغ من العمر 11 عامًا، كان يزور شقيقه المسجون في السجن المركزي برداع في الأسبوع الذي سبق. حاصر رجال القبائل السجن المركزي في 26 أغسطس/آب، بعد أن بلغهم نبأ اغتصاب الصبي على يد مشرف حوثي، وفي 14 سبتمبر/أيلول نفذت سلطة الحوثيين الحكم بالإعدام بحق المتهم في القضية المثيرة للجدل، حيث زعم البعض أنها كانت خدعة للتستر على المغتصب الحقيقي وهو مسؤول حوثي معروف باسم أبو حرب.

18-24 سبتمبر/أيلول: اعتقلت قوات الأمن الحوثية العشرات من الناشطين والصحفيين وغيرهم من المدنيين قُبيل الذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر/أيلول، بعد أن ألمحوا دعمهم أو عزمهم الاحتفال باليوم الذي يصادف ذكرى الإطاحة بحكم الإمامة وإعلان قيام الجمهورية العربية اليمنية عام 1962. ينظر الحوثيون إلى الاحتفالات التي تحيي ذكرى ثورة 26 سبتمبر/أيلول، على أنها رفض لذكرى استيلائهم العسكري على صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014؛ واتسمت حملة القمع الممارس ضد المحتفلين هذا العام بالشدّة على نحو ملحوظ، حيث باشرت الجماعة باعتقالات جماعية زعمت أنها تستهدف جواسيس يتخفون كعاملين في قطاع المعونة ومنظمات المجتمع المدني.