مع إعلان أول هدنة لوقف الحرب في عموم البلاد بتاريخ 1 أبريل/نيسان، توقفت موجة من الهجمات التي شنها الحوثيون خلال شهر مارس/آذار على منشآت الطاقة السعودية وما قابلها من غارات جوية انتقامية للتحالف، على الأقل بصورة مؤقتة. بدأ سريان وقف إطلاق النار في 2 نيسان/أبريل، أي غرة شهر رمضان، على أن يستمر لمدة شهرين حسب الاتفاق، حيث سيتم تعليق العمليات العسكرية خلال هذه الفترة بما في ذلك الهجمات عبر الحدود، وتخفيف الحظر المفروض على ميناء الحديدة ومطار صنعاء.
جاءت الهدنة عقب شهر من الغارات الجوية المكثفة. صرحت سلطات الحوثيين بأن هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة كانت تهدف إلى إنهاء الحظر الذي يفرضه التحالف بقيادة السعودية على شمال اليمن الخاضع لسيطرتها، والمتمثل في مجموعة من القيود المفروضة على التجارة والسفر بغرض منع الحوثيين من التحكم في الوصول إلى المنافذ البحرية والجوية الشمالية. على وجه الخصوص، ألقت الجماعة باللائمة في أزمة الوقود الحالية على منع دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة وتفريغ حمولتها. (انظر: “أسعار البنزين وغاز الطهي تواصل الارتفاع“). أشار نص اتفاق وقف إطلاق النار إلى السماح بدخول 18 سفينة وقود خلال فترة الهدنة وتسيير رحلتين تجاريتين أسبوعيًا من صنعاء إلى الأردن ومصر. كما اتفق الطرفان على بحث مسألة فتح الطرق في تعز وبعض المناطق الأخرى.
طوال شهر مارس/آذار، شهدت المحافظات الجنوبية أيضًا عنفًا سياسيًا، بما في ذلك عمليات اختطاف واغتيالات نفذها متشددون إسلاميون. استمرت غارات التحالف الجوية مع تحويل التركيز صوب حجة في محاولة لإبعاد قوات الحوثيين عن الحدود السعودية.
الحوثيون يستهدفون مرافق الطاقة السعودية
في 11 مارس/آذار، استهدف الحوثيون منشآت أرامكو في الرياض وأبها وجازان، والتي صرّحت السعودية بأنها تسببت في اندلاع حريق صغير في مصفاة بالرياض. في 20 مارس/آذار، تعرضت مرافق للطاقة وتحلية المياه بالسعودية لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة، مما أسفر عن تراجع مؤقت في إنتاج مصفاة للنفط لكن دون وقوع إصابات. استهدفت الهجمات محطة لتوزيع المنتجات النفطية في منطقة جازان الجنوبية، ومعملًا للغاز الطبيعي ومصفاة ياسرف في ميناء ينبع المطل على البحر الأحمر، فضلًا عن محطة لتحلية المياه في الشقيق ومحطة لتوليد الكهرباء في ظهران الجنوب ومحطة للغاز في خميس مشيط. في وقت لاحق من يوم 20 مارس/آذار، تعرضت محطة توزيع أخرى في جدة تابعة لأرامكو لهجوم، مما أدى إلى نشوب حريق في إحدى الخزانات، وفقًا للتحالف الذي تقوده السعودية. وأشار تقرير لوكالة أسوشيتد برس إلى أن هذا هو نفس خزان النفط -في مصنع السوائب شمال جدة، بالقرب من المطار الدولي بالمدينة -الذي اُستهدف في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
استهدفت قوات الحوثيين نفس موقع أرامكو مرة أخرى في 25 مارس/آذار، في الليلة التي سبقت سباق جائزة السعودية للفورمولا 1 في جدة، مما تسبب في نشوب حريق في خزانين دون وقوع إصابات. صرّح المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع بأن مصفاتي رأس تنورة ورابغ استُهدفتا أيضًا، في حين صرحت السعودية من جانبها أن هجومًا صاروخيًا تسبب في اندلاع حريق صغير في محطة لتوزيع الكهرباء في جازان. ردًا على ذلك، أعلن التحالف في 26 مارس/آذار ضرب أهداف في صنعاء والساحل الغربي، بما في ذلك مرافق تصنيع العبوات الناسفة المستخدمة في تفخيخ الزوارق في مينائي الصليف والحديدة ومستودع للأسلحة في مدينة صنعاء. أشارت الأمم المتحدة إلى أن الغارات الجوية ألحقت أضرارًا بالمجمع السكني لموظفيها في صنعاء. من جانب آخر، أدان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن هجمات مارس/ آذار التي استهدفت مرافق الطاقة السعودية.
قبل هدنة رمضان، التي أعقبت أسابيع من الجهود الدولية شملت جهود المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ والمبعوث الخاص للأمم المتحدة هانز غروندبرغ، عرض كل طرف وقفًا أحادي الجانب لإطلاق النار لفترة وجيزة. في 20 مارس/آذار، أوقف التحالف عملياته العسكرية لمدة يومين فيما قال إنه محاولة لتشجيع الحوثيين على الانضمام إلى مشاورات السلام التي يرعاها مجلس التعاون الخليجي والتي انطلقت بتاريخ 29 مارس/آذار في الرياض، لكن الغارات الجوية استُؤنفت ضد مواقع للحوثيين في محافظات مأرب والجوف وصعدة مع استمرار الهجمات الحوثية إلى جانب رفض الحوثيين المشاركة في محادثات الرياض. في 26 مارس/آذار، أعلن الحوثيون تعليق هجماتهم الجوية على السعودية والعمليات البرية في مأرب لمدة ثلاثة أيام، قائلين إنها قابلة للتمديد في حال وُضع حد لغارات التحالف الجوية ورفع الحصار، في إشارة إلى القيود المفروضة على ميناء الحديدة وإغلاق مطار صنعاء.
في 29 مارس/آذار، أعلن التحالف بشكل أحادي الجانب وقف العمليات العسكرية مرة أخرى، وهو ما بدا كبادرة للاتفاق الثنائي الذي كان غروندبرغ يضع اللمسات الأخيرة عليه. لم يُشر إعلان التحالف إلى الحظر وهي القضية التي تعثرت بسببها الجهود السابقة لوقف إطلاق النار. طالب الحوثيون برفع القيود المفروضة قبل الموافقة على وقف إطلاق النار، بينما أراد التحالف تنفيذ كلاهما في آن واحد لمنع صنعاء من جلب الأسلحة لشن هجوم جديد على مدينة مأرب وحقول النفط القريبة. تجدر الاشارة الى أن وسائل إعلام حوثية أفادت في 4 أبريل/نيسان عن تأخر استئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء بسبب عدد الأشخاص الذين يحاولون حجز مقاعد لهم.
أفادت وسائل إعلام تابعة لكل طرف بوقوع خروقات في وقف إطلاق النار خلال الأيام الأولى لسريان الهدنة، مما يشير إلى خطر انهيارها. شملت تلك الخروقات هجومًا حوثيًا على موقع للحكومة في شمال مأرب بتاريخ 2 أبريل/نيسان، ونقل أسلحة إلى داخل مأرب وحجة في 3 أبريل/نيسان، وخروقات في محافظات أخرى، فضلًا عن احتجاز التحالف ناقلة نفط قبالة سواحل جازان.
غارات التحالف الجوية تُركز على حجة
تباطأت وتيرة المعارك القتالية في مأرب منذ أن طردت ألوية العمالقة المدعومة من الإمارات قوات الحوثيين من محافظة شبوة في يناير/ كانون الثاني، والردّ الذي أعقب ذلك من الحوثيين عبر شن هجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ ضد الإمارات. خلال شهر مارس/آذار، واصلت القوات المناهضة للحوثيين القتال في جبهة نشطت مؤخرًاً بالقرب من مدينة حرض الحدودية في حجة، إلا أن وحداتها البرية، المدعومة بغارات التحالف الجوية، لم تتمكن من إحراز تقدم ملموس. ووردت أنباء عن سقوط ٩ جنود سودانيين في 2 مارس/آذار على إثر ضربة صاروخية حوثية استهدفت معسكرًا للتحالف في المنطقة.
بدا أن الغارات الجوية للتحالف تراجعت خلال شهر مارس/آذار. وفقًا لمشروع بيانات اليمن، فقد شُنت 401 غارة جوية فردية في يناير/ كانون الثاني و200 غارة في فبراير/ شباط، وهو أعلى معدل منذ عام 2018. إلا أن العدد تراجع في مارس الى 178. ذكر تقرير صادر في 24 مارس/آذار عن منظمة “أنقذوا الأطفال” أو “Save the Children” أن ما لا يقل عن 376 غارة جوية شُنت ضد منشآت تعليمية في عموم البلاد طوال فترة الحرب، وقع ثلثها في محافظة تعز.
وزير الداخلية يلغي قرارًا بإعادة هيكلة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي
ألغى وزير الداخلية في الحكومة المعترف بها دوليًا “إبراهيم حيدان”، في 14 مارس/آذار، قرار السلطات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن بإعادة تشكيل قوات أمنية خارج إطار الوزارة. عبر مذكرة مُوجهة إلى رئيس الشرطة مطهر الشعيبي والمحافظ أحمد لملس، ألغى حيدان أمرًا من الشعيبي بدمج عناصر شرطة الدوريات والطرق في قوات الطوارئ والدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي. هذا ويعكس التوتر القائم بين الحكومة وسلطات المجلس الانتقالي الجنوبي فشل الجهود الرامية إلى تنفيذ ملحقي الترتيبات الأمنية والعسكرية لاتفاق الرياض المبرم عام 2019 (انظر: السياسة والدبلوماسية).
مقتل قائد عسكري في انفجار سيارة مفخخة
في 23 مارس/آذار، لقي اللواء الركن ثابت جواس، قائد محور العند وقائد اللواء 131 مشاة في محافظة لحج، مصرعه في انفجار سيارة مفخخة أثناء مرور موكبه عبر مديرية دار سعد الشمالية في محافظة عدن. كما لقي نجله نبيل، وابن شقيقته وشخص آخر واحد على الأقل، حتفهم في الانفجار، الذي نفذه انتحاريّ -حسبما أُفيد، أثناء عودة الموكب إلى لحج بعد حضور مراسم جنازة في مديرية التواهي بعدن.
سبق أن شارك جواس، المنحدر من مديرية ردفان في لحج، في عدد من الحملات المناهضة لجماعة الحوثيين خلال حروب صعدة، بما في ذلك الحملة الأولى في عام 2004 التي قُتل خلالها مؤسس الجماعة، حسين الحوثي. كان جواس قد نجا من هجوم مماثل استهدفه العام الماضي. هذا وقد احتفت شخصية حوثية بارزة بوفاته فيما فسّرته بعض وسائل الإعلام على أنه إعلان ضمني عن مسؤولية تنفيذ العملية.
تصاعد هجمات وعمليات اختطاف تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية يُبايع الخليفة الجديد
استمر تصاعد عمليات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خلال شهر مارس/ آذار عبر محاولة اغتيال واختطاف اثنين من العاملين في المجال الإنساني.
في 15 مارس/آذار، قُتل ثلاثة من عناصر قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في انفجار استهدف موكب العميد عبداللطيف السيد، قائد القوات في أبين. أصيب السيد، الذي تعرض للعديد من محاولات الاغتيال على مدى العقد الماضي، مع ثمانية جنود آخرين من الحزام الأمني كانوا يستقلون موكبه بالقرب من مدينة جعار بمديرية خنفر في أبين. في وقت لاحق، أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن محاولة الاغتيال مشيرًا إلى أن انتحاريين نفذاها.
يُشتبه أيضًا في ضلوع تنظيم القاعدة في اختطاف موظفيْن أجنبيين تابعين لمنظمة أطباء بلا حدود بتاريخ 6 مارس/آذار واقتيادهما من سيارتهما شرق محافظة حضرموت (انظر: التطورات الإنسانية وحقوق الإنسان، “أطباء بلا حدود تعلق أنشطتها في مأرب بعد عمليات اختطاف”). ويُعد هذا ثالث حادث من نوعه خلال شهر، حيث اختطف مسلحو القاعدة خمسة من موظفي الأمم المتحدة بمحافظة أبين في 11 فبراير/شباط. وذكر تقرير صادر في 9 مارس/آذار أن تنظيم القاعدة طالب بفدية قدرها 5 ملايين دولار أمريكي ووساطة عبر دولة خليجية لم تُحدد. هذا وكان التنظيم قد اختطف بتاريخ 23 فبراير/شباط موظفًا بريطانيًا تابعًا للأمم المتحدة في محافظة لحج.
في سياق متصل، هددت جماعة أنصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة بإعدام مسؤولين حكوميين محليين في حضرموت بدعوى الفساد، وفقًا لبيان صادر في 9 مارس/آذار. على صعيد آخر، اُعتُقل مواطن نرويجي في 7 مارس/آذار بصنعاء للاشتباه في انتمائه إلى تنظيم القاعدة. كما أعلن التنظيم في 17 مارس/آذار مقتل القيادي البارز عمار الصنعاني بغارة جوية أمريكية في محافظة مأرب.
من جانب آخر، وبعد فترة طويلة من جمود أنشطته، نشر فرع اليمن التابع لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في 12 مارس/آذار صورًا لمقاتلين يبايعون الخليفة الجديد للتنظيم، رغم أنه لم يتضح مكان التقاط الصور. يُذكر أن فروع التنظيم أصدرت بيانات تدعم من خلالها أبو الحسن الهاشمي القريشي بعد تنصيبه في 10 مارس/ آذار.
التطورات العسكرية والأمنية الأخرى:
- 3 مارس/آذار: اشتبك رجال قبيلتي بني نوف والشولان مع مقاتلين حوثيين في 3 مارس/آذار بالقرب من مدينة الحزم بمحافظة الجوف، على إثر نزاع بشأن الوصول إلى مئات مقطورات الوقود العالقة في منطقة احتجاز.
- 10 مارس/آذار: أفادت وكالة رويترز بأن الولايات المتحدة والسعودية نفذتا عملية مشتركة ناجحة في يناير/كانون الثاني لإنقاذ امرأتين أمريكيتين احتجزتهما سلطات الحوثيين في صنعاء.
- 11 مارس/آذار: أعلنت الحكومة اليمنية ضبط 54 صاروخًا حراريًا في معبر شحن بمحافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عُمان. وبحسب ما ورد، كانت الصواريخ الإيرانية الصنع مخبأة داخل مولدات كهربائية، وفي طريقها إلى الحوثيين.
- 23 مارس/آذار: عُثر على المصور الصحفي اليمني المستقل فواز الوافي ميتًا في سيارته بتعز، في واقعة سلطت الضوء على التهديد المستمر الذي يتعرض له الصحفيون. كان الوافي، الذي عُثر عليه مصابًا بطعنات في صدره وأجزاء أخرى من جسده، يعيش في منطقة خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، لكن لم يتضح بعد من يقف وراء عملية القتل. تجدر الاشارة الى أن صحفية لقيت مصرعها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وأصيب زوجها المراسل الصحفي في انفجار استهدف سيارتهما في عدن أثناء توجههما إلى المستشفى لتضع مولودها.
- 23 مارس/آذار: أفادت وسائل إعلام سعودية أن التحالف دمر زورقين مفخخين كان الحوثيون يخططون لاستخدامهما من أجل استهداف ناقلات نفط على البحر الأحمر. ويبدو أنه عُثر عليها قبالة سواحل الحديدة.
- 29 مارس/آذار: لقي كرم المشرقي، وهو قائد في قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، حتفه برصاص مسلحين. كان المشرقي قد اشتبك العام الماضي مع قائد آخر في المجلس للسيطرة على مديرية الشيخ عثمان في عدن حيث نُفذت عملية الاغتيال.