انتهت الهدنة التي تدعمها الأمم المتحدة في الثاني من أكتوبر، ولكن كان هناك بصيص أمل عند انتهائها أن يتم الاتفاق على تمديدها سريعًا بالاتفاق على القضايا العالقة كدفع رواتب القطاع العام وإعادة فتح الطرق. لكن الجهود المبذولة لتمديد الهدنة توقفت في نوفمبر/تشرين الثاني، بالرغم من تعدد زيارات المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانز غروندبرغ والمبعوث الأمريكي الخاص تيم ليندركينغ للعديد من المسؤولين الإقليميين، حيث أفاد مبعوث الأمم المتحدة في تقرير موجز لمجلس الأمن في ٢٢نوفمبر/ تشرين الثاني بعدم إحراز أي تقدم.
بل وعمد الحوثيون والحكومة المعترف بها دوليًا إلى تنفيذ إجراءات تصعيدية، حيث أدت هجمات للحوثيين التي استهدفت الموانئ النفطية التي تسيطر عليها الحكومة إلى شل صادرات النفط للشهر الثاني على التوالي، في محاولة حوثية للضغط على الحكومة لدفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين في مناطق سيطرة الحوثيين، في حين ردت الحكومة بتصنيف جماعة الحوثي جماعة إرهابية، لكن هناك مخاوف من أن الإجراءات الناتجة عن تلك الخطوات قد تسبب المزيد من الأضرار على الاستقرار الاقتصادي لليمن، وأنها لن تحقق أي نجاح في دفع الحوثيين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات.
أما في صفوف الحكومة اليمنية، فاستمر الصراع الداخلي بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي أغلب فترات شهر نوفمبر/تشرين الثاني، لكن يبدو أن حدة تلك التوترات قد بدأت بالتراجع بعد أن اتحدت الفصائل المختلفة على معاقبة قيادة الحوثيين. بعد شهور من الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي والإصلاح، بدأت بوادر تحسن العلاقة بينهما بالظهور وذلك نتيجة احتمالية عودة المعارك الشاملة مع الحوثيين. على الرغم من ذلك اتسم شهر نوفمبر/تشرين الثاني بتصاعد التوترات في عدن التي يمتلك المجلس الانتقالي الجنوبي فيها سيطرة أمنية، في وقت كان معظم أعضاء مجلس القيادة الرئيسي خارج العاصمة المؤقتة أغلب فترات الشهر، حيث ذهب رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في جولة إقليمية، وشارك في قمة جامعة الدول العربية في الجزائر، وقمة المناخ والدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في مصر، ويوم الشهيد في أبو ظبي الإمارات. وردت تقارير تفيد بالإبقاء على رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُبيدي في الإمارات بناءً على طلب من داعميه الإماراتيين للحد من التوترات في عدن، واستمرت المناورات السياسية على الرغم من ذلك، لا سيما في حضرموت التي استمر فيها القادة المتحالفون مع المجلس الانتقالي الجنوبي في حشد المظاهرات العامة للمطالبة بإقالة القيادات العسكرية المتحالفة مع حزب الإصلاح من المنطقة العسكرية الأولى في سيئون.
في حين يبدو أن عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد قوات المقاومة الوطنية على الساحل الغربي لليمن طارق صالح يمضي قُدمًا في تعزيز نفوذه العسكري والسياسي بهبوط أول رحلة إنسانية في مطار جديد في المخا الساحلية بتمويل من الإمارات. تسيطر قوات المقاومة الوطنية المدعومة من الإمارات بقيادة صالح على الشريط الساحلي الذي تقع عليه المخا بالقرب من مضيق باب المندب. تتأتى الأهمية الاستراتيجية للمطار الجديد من أنه سيسهل أنشطة طارق صالح وقواته، التي كانت حتى حين مجبرة على استخدام مهابط طائرات بعيدة والاعتماد على طائرات الهليكوبتر الإماراتية للتنقل وإعادة الإمداد.
شهد شهر نوفمبر/تشرين الثاني أيضًا توقيع اتفاقية المليار دولار التي طال انتظارها بين الحكومة وصندوق النقد العربي بتمويل من السعودية، ويمثل هذا الاتفاق جزءًا من الدعم المالي الذي التزمت به الرياض وأبو ظبي للحكومة في أبريل من هذا العام والبالغ ملياري دولار أمريكي، وتقول المزاعم إن تأجيل هذا الدعم جاء نتيجة انتظار قيام الحكومة بإصلاحات في الإدارة/الحوكمة والمؤسسات. جاء هذا الإعلان معززًا قيمة الريال اليمني الجديد في مناطق سيطرة الحكومة لفترة قصيرة.
يواصل الحوثيون مأسسة أيديولوجيتهم ومعتقداتهم السياسية والطائفية في نفس الوقت الذي يقومون بإحكام قبضتهم على الحكم، حيث رتبت السلطات في صنعاء لتنفيذ “مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل” المنشورة حديثًا، وتتضمن المدونة شرط الاعتراف بحق الحكم الإلهي لجماعة الحوثيين. كما أصدرت إدارة التعليم بصنعاء إرشادات جديدة تمنع الطالبات من استخدام الهواتف المحمولة، وتشغيل الموسيقى، والتحدث أو الضحك بصوت عالٍ أثناء الرحلات المدرسية. في حين استمرت الاضطرابات بسبب مصادرة الحوثيين للأراضي في أجزاء مختلفة من شمال اليمن، مع ورود أنباء عن احتجاجات في مدينة صنعاء واشتباكات قبلية في الجوف.
التطورات في مناطق سيطرة الحكومة
الحكومة تواصل مساعيها الدولية مع توقف محادثات الهدنة
استمرت الجهود الدبلوماسية الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني دون إحراز تقدم يذكر في تمديد الهدنة التي انتهت أوائل أكتوبر/ تشرين الأول، ففي الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني، اختتم المبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيم ليندركينغ رحلته إلى الإمارات والسعودية لإجراء محادثات ركزت على تمديد الهدنة وإطالتها برعاية الأمم المتحدة، ومن ثم في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني، التقى كل من ليندركينغ ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في لقاءين منفصلين مع وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي في واشنطن لمناقشة عملية السلام في اليمن، من بين موضوعات أخرى. في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، اختتم المبعوث الأممي الخاص لليمن هانز غروندبرغ زيارة إلى الرياض، عقد فيها اجتماعات مع السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر ودبلوماسيين دوليين آخرين، وركزت تلك الاجتماعات على تمديد الهدنة والدفع بالعملية السياسية نحو الأمام. لكن غروندبرغ أفاد بعدم حدوث أي نجاحات في خطاب شهري موجز على غير العادة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 22 نوفمبر/تشرين الثاني.
قضى كبار المسؤولين الحكوميين اليمنيين معظم شهر نوفمبر/تشرين الثاني في الخارج مشاركين في محادثات، حيث حضر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في قمة جامعة الدول العربية في الجزائر العاصمة يومي 1 و2 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل أن يسافر إلى مصر لحضور قمة المناخ السابعة والعشرين. تلا ذلك حضور العليمي يوم الشهيد في أبو ظبي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، اليوم الذي اكتسب أهمية أكبر في الإمارات منذ تدخلها في اليمن في مارس/آذار 2015، حيث لقي 45 جنديًا إماراتيًا مصرعهم في الصراع اليمني. زار العليمي عمّان أيضًا أواخر نوفمبر/تشرين الثاني والتقى بالعاهل الأردني الملك عبدالله، وحضر الزيارة عضوا مجلس القيادة الرئاسي عبدالله العليمي وطارق صالح، فالعلاقة الوثيقة بين طارق صالح والعاهل الأردني معروفة وتعود لسنوات حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
حضر مسؤولون حكوميون آخرون حوار المنامة للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين خلال الفترة من 18 إلى 20 نوفمبر/تشرين الثاني. التقى رئيس أركان الجيش اليمني وقائد العمليات المشتركة الفريق صغير حمود بن عزيز بقيادات عسكرية أمريكية وفرنسية وغيرها على هامش مؤتمر الأمن الإقليمي السنوي لمناقشة أوجه التعاون في مختلف القضايا، بما في ذلك تأمين الملاحة البحرية، في ضوء تجربة حوثية لصواريخ مضادة للسفن عشية المؤتمر. قالت مصادر مقربة من ابن عزيز إن مسؤولين عسكريين فرنسيين أعربوا عن استعدادهم لتباحث دعم عملية عسكرية جديدة على الساحل الغربي كجزء من استراتيجية لإجبار صنعاء على العودة إلى طاولة المفاوضات، وتمديد الهدنة، وإنهاء الهجمات على قطاع الطاقة، لكن مركز صنعاء لم يتمكن من تأكيد هذه المعلومات بشكل مستقل. كما شارك وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك في حوار المنامة، مؤكدًا تهديد الحوثيين للأمن البحري من خلال استخدام الطائرات المسيّرة والألغام البحرية، وقال الوزير إن الدعم الإيراني للحوثيين حولهم إلى تهديد دولي.
الحكومة تواصل مساعي تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية في ظل استمرار الهجمات على الموانئ
بعد الهجمات التي استهدفت ميناءي النشيمة والضبة النفطيين في أكتوبر/ تشرين الأول، استمر الحوثيون بشن هجمات الطيران المسيّر على موانئ النفط الحكومية في نوفمبر/تشرين الثاني، الأمر الذي أدى إلى تأخير إعادة صادرات النفط ومضاعفة المشاكل المالية التي تعاني منها الحكومة، ففي التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني، استهدفت طائرة مسيّرة حوثية تحمل متفجرات ناقلة نفط في ميناء قنا بشبوة، وتقول التقارير إن قوات الدفاع الجوي التابعة للواء الثاني مشاة بحري أسقطت الطائرة المسيّرة، لكنها سقطت على السفينة مصيبة طاقم السفينة من المصريين والسودانيين وملحقة أضرار طفيفة بالسفينة. أعقب ذلك هجوم على ميناء الضبة في 21 نوفمبر/تشرين الثاني منع سفينة تحمل العلم البنمي من تحميل النفط. حذر الحوثيون شركات النفط بوجوب وقف عملياتها في اليمن واتهموا تلك الشركات بسرقة ثروات البلاد الطبيعية، ومن شبه المؤكد أن الهجمات على الموانئ تهدف إلى انتزاع امتيازات مالية من الحكومة وزيادة الضغط عليها لدفع رواتب القطاع العام لمئات الآلاف من الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين.
في رد على تلك الهجمات، استمرت الحكومة بالمُضي قُدمًا في جهودها الرامية إلى معاقبة الأفراد والكيانات المرتبطة بالحوثيين والتي تعمل ضمن مناطقهم بحكم سلطة الأمر الواقع، وكانت الحكومة قد صنفت الحوثيين كجماعة إرهابية في أكتوبر/تشرين الأول. في وقت سابق من الشهر، قال مسؤولون كبار لمركز صنعاء إن الحكومة طلبت من الإنتربول إصدار أوامر اعتقال بحق المسؤولين الحوثيين وأصحاب الشركات التابعة للحركة، ودعت حلفاءها الإقليميين والدوليين إلى الضغط من أجل القيام بذلك. يسافر المسؤولون الحوثيون بشكل روتيني إلى الخارج، إلى عمان والأردن، وأحيانًا أبعد من ذلك. ركزت خطة الحكومة اعتبارًا من أواخر نوفمبر/تشرين الثاني على المسؤولين والشخصيات الحوثية الموجودة في مصر والأردن والدول الأوروبية، ومطالبة تلك الحكومات بتسليمهم أو منعهم من السفر دوليًا. أوضح المسؤولون الحكوميون أنهم لن يحظروا التعامل سوى مع الشركات التي تم تأسيسها في مناطق سيطرة الحوثيين بعد أن حل الحوثيون البرلمان بصنعاء في فبراير/شباط 2015. غالبية الأسماء الموجودة على قائمة العقوبات التي تعدها الحكومة حتى الآن هي لأشخاص من شركات النفط التابعة للحوثيين، إضافة إلى عدد من رجال الأعمال.
ما تزال غاية الحكومة من تبني هذه الاستراتيجية غير واضحة، ففي محادثات خاصة، قال مسؤولون كبار إنهم يدركون أنهم بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية وفرض العقوبات يردون على سياسة حافة الهاوية التي يتبعها الحوثيون بتصعيد كبير من قبل الحكومة، ويقرون في الوقت ذاته أنه من غير المرجح أن تدفع هذه الاستراتيجية الجانب الحوثي للعودة إلى الهدنة ومن المحتمل أن تؤدي إلى مزيد من الهجمات على منشآت الطاقة، كما أن هناك مخاطر عودة المعارك الشاملة على جبهات القتال، وتعمل الحكومة على تعزيز الأمن في موانئها، وتجهيزها بأنظمة دفاع ضد الطائرات المسيّرة، وتعمل الحكومة مع شركات التأمين على إقناع الناقلات بالعودة وتصدير النفط من اليمن رغم تهديدات الحوثيين.
كما أنه من غير المرجح أن تكون العقوبات المقترحة فعّالة في الضغط على اقتصاد الحوثيين، فمن المرجح أن تتمكن سلطات الحوثيين من التحايل على الإجراءات بفتح شركات خاصة جديدة تحل محل الشركات الخاضعة للعقوبات. قد تسعى وكالات الأمم المتحدة كما فعلت في سوريا إلى منع العقوبات المفروضة على الشركات التي يُعتقد أنها تؤدي وظائف إنسانية رئيسية. أما فيما يتعلق بالقبول الدولي، فقد تكون الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية أكثر استعدادًا من أي وقت مضى منذ عام 2015 للتوصل إلى تفاهمات مع حكومة الحوثيين في صنعاء وإنهاء الصراع.
الخلاف بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي يستمر وطارق صالح يعزز سلطته
استمر توتر العلاقات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في أعقاب اشتباكات أغسطس/آب 2022 بين القوات التابعة للإصلاح والجماعات المدعومة من الإمارات في شبوة، وتصاعدت تلك الخلافات في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني عندما وجه كبير مفاوضي المجلس الانتقالي الجنوبي ناصر الخبجي سلسلة من الاتهامات ضد مجلس القيادة الرئاسي ومجلس الوزراء في مقابلة بُثت على قناة تلفزيونية تابعة للانتقالي، واتهم الخبجي رئيس الوزراء معين عبدالملك بمنع هيئات مكافحة الفساد من القيام بعملها، وطالب بإقالة عضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة من منصب محافظ مأرب، وتحدث عن ضرورة إيداع عائدات مأرب من النفط في البنك المركزي بعدن، وطلب نقل قوات المنطقتين العسكريتين الأولى والثانية المتمركزتين في وادي حضرموت والمهرة إلى جبهات القتال. بدا أن الخبجي يهدد مجلس القيادة الرئاسي في تصريحاته قبل بث المقابلة بوقت قصير، وهو ما قد يشير إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي قد يسيطر على المناطق الجنوبية وأن العليمي “قد لا يعود إلى عدن”. كما اتهم الخبجي وزير الداخلية إبراهيم حيدان بحماية عناصر الإصلاح في شبوة وحضرموت. لكن ليس من الواضح مدى عكس تصريحات الخبجي لموقف المجلس الانتقالي الجنوبي كون الخبجي قياديًا متعصبًا للمجلس الانتقالي الجنوبي لكنه لا يمتلك علاقات وثيقة مع الإمارات. في وقت لاحق من الشهر، نفى رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي وجود حملة ممنهجة لتشويه سمعة الحكومة ونأى بنفسه عن الآراء التي عبر عنها الخبجي، قائلًا إنها لا تمثل المجلس الانتقالي.
يبدو أن عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح يعزز نفوذه العسكري والسياسي، حيث سيكون لافتتاح مطار المخا على ساحل البحر الأحمر في محافظة تعز وبدء تشغيله تدريجيًا بهدف الاستخدام التجاري في نهاية المطاف فائدة استراتيجية له. كانت أول طائرة تهبط على مدرج هذا المطار طائرة تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود الإنسانية في 24 نوفمبر/تشرين الثاني بعد الانتهاء من تشييد مدرج بطول ثلاثة كيلومترات العام الماضي، وتجري حاليًا المرحلة الثانية من البناء المتمثلة في صالة المسافرين وبرج مراقبة الحركة الجوية. قالت الحكومة إنها تعمل على تطوير هذا المطار كبديل لمطار تعز الذي يسيطر عليه الحوثيون في مدينة تعز، لكن هناك تداعيات أكبر تتمثل في دور المطار الجديد بتسهيل أنشطة طارق صالح وقواته.
قوات عسكرية موازية جديدة مدعومة سعوديًا تثير غضب المجلس الانتقالي الجنوبي
استمر المجلس الانتقالي الجنوبي بالتحريض ضد العليمي في غيابه، خصوصًا بسبب قوات درع الوطن التي شكلتها السعودية ووضعتها تحت سيطرته، فقد وصفت وسائل الإعلام التابعة للمجلس الانتقالي القوة الجديدة التي بدأت في نقل معداتها العسكرية إلى عدن بأنها تهديد مباشر لوجودها العسكري الموازي في المدينة وأماكن أخرى في الجنوب، كما جمع معين المقرحي وهو ضابط اللواء الأول دعم واسناد التابع للمجلس الانتقالي عناصرهم من نقاط التفتيش لاعتقال عناصر قوات الدرع الوطني المشكلة مؤخرًا، واصفًا إياهم “بالشماليين”. تتكون غالبية قوات درع الوطن، المعروفة سابقًا باسم قوات اليمن السعيد، من قبائل الصبيحة من لحج، بقيادة القائد السلفي بشير المضربي. كان المجلس الانتقالي الجنوبي قد احتكر السيطرة الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن منذ أغسطس/آب 2019، ومن المرجح أن يستخدم المجلس المخاوف التاريخية المتمثلة في الهيمنة الشمالية على المدينة لمواصلة هيمنة المجلس، وفي رد على تلك الاعتقالات أصدرت قبيلة الصبيحة بيانًا وصفت فيه تصرفات المقرحي بالإهانة والاستفزاز.
حضرموت: وفد أمريكي في المكلا وتعبئة القبائل الحضرمية
استضاف محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي عدة وفود أمريكية بالمكلا في نوفمبر/تشرين الثاني، حيث التقى المحافظ مع وفد الشؤون المدنية العسكرية الأمريكية في 1 نوفمبر/تشرين الثاني لمناقشة التنسيق الأمني، ومن ثم التقى بسفير الولايات المتحدة باليمن ستيفن فاجن في 8 نوفمبر/تشرين الثاني. عمل ابن ماضي في الوقت نفسه على إعادة تنظيم عمليات المحافظات بسلسلة من التعيينات والأوامر الإدارية، التي تضمنت تعيين عبدالرحمن عزة سالمين بلفاس مديرًا عامًا لفرع شركة النفط اليمنية في ساحل حضرموت، وتعيين قياديين من الحراك الشعبي الحضرمي المعروف بالهبة الحضرمية هما الشيخ حسن سعيد الجابري والشيخ صالح محسن بن حريز المري مديرين عامين لمديريتي ساه والصحراء.
استمرت التحركات السياسية لكسب القبائل فيما يتعلق بقضية استمرار وجود المنطقة العسكرية الأولى الموالية للإصلاح في وادي حضرموت وموقف حضرموت من التوترات داخل مجلس القيادة الرئاسي في نوفمبر، ففي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، دعا اجتماع قبائل حضرموت برئاسة عبدالله صالح الكثيري وهو أحد كبار زعماء القبائل في وادي حضرموت وزارتي الدفاع والداخلية إلى تجنيد 30 ألف مواطن وتكليفهم بمهام الأمن في المحافظة، وذلك في مواصلة لمطلب استبدال قوات المنطقة العسكرية الأولى الذي لطالما طالبوا به قبل الهبة الحضرمية الثانية الداعمة للمجلس الانتقالي الجنوبي. في حين أصدر تجمع قبلي آخر لقبائل آل كثير بيانًا يدعم مطالب المحافظ مبخوت بن ماضي الأخيرة بتسليم السيطرة الأمنية على منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية لقوات النخبة الحضرمية التي تدعمها الإمارات، حيث يخضع المنفذ حاليًا لسيطرة الوحدات العسكرية الموالية لحزب الإصلاح. إلا أن أفراد قبيلة الكثيري لا يدعمون جميعًا الشيخ عبدالله، حيث يزعم شيوخ آخرون الآن أن الأخير أصبح أقرب إلى الجابري والمجلس الانتقالي الجنوبي ويعطي الأولوية لمصالحه الخاصة، وبحسب بيان صادر عن منتقديه، فإن تمثيل قبيلة الكثيري يجب ألا يقتصر على الشيخ عبدالله الكثيري ومجلسه.
في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، عقدت مرجعية قبائل حضرموت لقاءً تشاوريًا موسعًا في المكلا يهدف إلى تعزيز التماسك الاجتماعي وتحقيق مصالح حضرموت، وتضمنت مطالب اللقاء الرئيسية الحفاظ على سيادة المحافظة، والحفاظ على حق تقرير المصير، واستبدال القوات غير الحضرمية بقوات حضرمية من ضمنها 40 ألف من قوات النخبة الحضرمية، وإنشاء قيادة حضرمية موحدة، وتشكيل فريق تفاوض رفيع المستوى. وحذر بيان صدر عقب اللقاء كافة الأطراف والشركات من تنقيب أو استخراج النفط والثروات الطبيعية من حضرموت. أصدر بعض مؤسسي مرجعية قبائل حضرموت قُبيل اللقاء بيانًا رفضوا فيه المشاركة في اللقاء الذي دعا إليه عمرو بن حبريش. من منتصف إلى أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، زار أفراد من قبيلة الحموم، التي ينتمي إليها عمرو بن حبريش وعضو مجلس القيادة الرئاسي فرج البحسني، معسكر بارشيد الموالي للمجلس الانتقالي الجنوبي وعبروا عن دعمهم للقبائل الجنوبية، وجاءت الزيارة لتناقض تصريحات سابقة للقبيلة ترفض تهميش قادتها من قِبل قوى خارجية ولا تدعم الاحتجاجات التي نظمها المجلس الانتقالي في وادي حضرموت.
التهريب في المهرة
في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، قام اللواء محسن علي ناصر مرصع قائد محور الغيضة العسكري بزيارة مركز القيادة البحرية بميناء نشطون، وشدد مرصع على ضرورة مكافحة عمليات التهريب، وحماية الموانئ، وزيادة الأمن البحري، وجاءت الزيارة في أعقاب إعلان القوات المركزية الأمريكية في عن ضبط مركب شراعي في خليج عمان يحمل مواد متفجرة تُهرب من إيران إلى اليمن في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني، زار مرصع معبر شحن الحديدي القريب من سلطنة عمان لمناقشة تطوير وتنسيق الوحدات الأمنية والعسكرية التي تركز على مكافحة التهريب.
التطورات في مناطق سيطرة الحوثيين
استمرار المحادثات بين السعوديين والحوثيين عبر قنوات خلفية
على الرغم من هجمات الحوثيين على منشآت النفط جنوب اليمن خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، تشير التقارير إلى استمرار المحادثات الحوثية السعودية، لكن وضع المفاوضات ما يزال يكتنفه الغموض، وما تزال دعوة السعودية لرئيس المجلس السياسي الأعلى التابع لجماعة الحوثيين مهدي المشاط لزيارة الرياض قائمة، لكن علنًا، ما يزال الحوثيون يتمسكون بمطالبهم المتمثلة بإنهاء القيود المفروضة على الموانئ، ودفع رواتب القطاع العام بالكامل، بما في ذلك رواتب العسكريين، قبل النظر في أي محادثات رسمية. من المرجح أن تحافظ السعودية على المدى القصير على الاتصال بالحوثيين بأمل ثنيهم عن شن ضربات الطائرات المسيّرة أو الصواريخ عليها أو على الإمارات، لا سيما خلال هذه الفترة التي يزداد فيها الاهتمام العالمي بكأس العالم في قطر، أما على المدى الطويل فقد تتخذ الرياض موقفًا أكثر وضوحًا بشأن مطالب قيادة الحوثيين، وهو ما قد يعني إما تقديم مزيد من التنازلات لتأمين اتفاق أو رفض سياسة حافة الهاوية التي يتبعها الحوثيون بحزم. في موقف صريح غير معهود، رد كبار المسؤولين العمانيين انتقادات للحوثيين خلال قمة المناخ السابعة والعشرين في مصر مدافعين عنهم بوصفهم الطرف اليمني الشرعي الذي يظهر رغبة صادقة في السلام، ومن غير المعتاد صدور هكذا تصريحات من العمانيين، خاصة بعد تكوين السلطان هيثم لفريق جديد للتعامل مع ملف اليمن خلال الصيف، وهي الخطوة التي أثارت مخاوف الحوثيين من أن السلطنة التي كانت محايدة حتى اليوم تنقلب عليهم بهذا القرار.
مسؤولون حوثيون يحذفون تغريداتهم المهنئة للسعودية بفوزها بمباراة في كأس العالم
انكشفت سياسة الحوثيين المختلطة تجاه الرياض بوضوح تام عندما حقق فريق كرة القدم السعودي فوزًا مفاجئًا على الأرجنتين بنتيجة 2-1 في كأس العالم في قطر في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، الفوز الذي تسبب في احتفالات في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، وعلى الرغم من عدم وجود بيان تهنئة رسمي من سلطات صنعاء، إلا أن العديد من المسؤولين الحوثيين فاجأوا المراقبين بتغريدات تدعم السعودية على تويتر، ولكن بعد ردود الفعل الغاضبة من أنصار الجماعة، حذف المسؤولون الثلاثة وهم ضيف الله الشامي وزير الإعلام وعضو المكتب السياسي للحوثيين، وعبدالقادر المرتضى رئيس لجنة الحوثيين لشؤون الأسرى، وحسين العزي نائب وزير الخارجية، تغريداتهم. رتبت سلطات الحوثيين شاشات عامة كبيرة قدمها الهلال الأحمر القطري بالتعاون مع وزارة الخارجية القطرية ومجموعة beIN Sports الإعلامية القطرية ليتابع الجمهور مباريات كأس العالم مجانًا.
الحوثيون يفرضون تعليمات جديدة للخدمة المدنية
في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت وكالة أنباء سبأ التي يديرها الحوثيون مجموعة جديدة من الإرشادات لموظفي الخدمة المدنية العاملين في مناطق سيطرة الجماعة، حيث تحتوي مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل، الوثيقة المكونة من 36 صفحة والصادرة عن وزارة الخدمة المدنية، على العديد من الإشارات الدينية التي تعزز الأجندة الطائفية والسياسية للجماعة، ويجب على الموظفين الحكوميين التوقيع على وثيقة يتعهدون فيها بالالتزام بالمدونة التي تتضمن أيضًا الاعتراف بحق الحوثيين الإلهي في الحكم كونهم من سلالة رسول الله، والمشاركة في أنشطة التعبئة العامة لدعم المجهود الحربي، وحضور دورات ثقافية وبرامج تعليمية للتلقين العقائدي. أفادت التقارير أن العديد من مؤسسات الدولة والسلطات المحلية التي يديرها الحوثيون في جميع أنحاء مناطق سيطرة الحوثيين عقدت اجتماعات لمناقشة تنفيذ المدونة بعد نشرها. في حين أصدر مكتب وزارة التربية والتعليم في صنعاء مجموعة جديدة من اللوائح التي يتعيّن على الطالبات الالتزام بها خلال الرحلات المدرسية، حيث تنص التعليمات على أن تقوم المدارس بفصل رحلات الأولاد عن الفتيات، وأن تُعيُّن مشرفات من الإناث في الحافلات المدرسية، وأن تلتزم الفتيات بالزي المحتشم الموافق للقيم الدينية، وألا تحضر الفتيات هواتفهن المحمولة أو يشغلن الموسيقى أو يتحدثن أو يضحكن بصوت عالٍ في الحافلات المدرسية.
معارضة لبسط الحوثيين على الأراضي
شهد شهر نوفمبر/تشرين الثاني المزيد من محاولات الحوثيين للبسط على الأراضي في صنعاء، لكن في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، نظم سكان سعوان بمدينة الحمدي بمديرية شعوب اعتصامًا احتجوا فيه على بسط السلطات الحوثية على أراضٍ محلية، حيث أصدر المشرف الحوثي أبو حيدر جحاف أوامر بالبسط على الأراضي بحجة أنها أوقاف مملوكة للدولة على الرغم من امتلاك السكان وثائق ملكية تلك الأراضي، وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني، داهم مسلحون من جماعة الحوثي منازل رجل الأعمال المأربي عبدالله ناصر الخراز في صنعاء وطردوا ساكنيها ونهبوا محتوياتها، وندد نشطاء على فيسبوك بهذه الأفعال وانتقدوا رجال قبائل مأرب الموالين للحوثي في صنعاء لعدم شجبهم لأفعال الجماعة.
اندلعت اشتباكات بين الحوثيين وقوات القبائل المحلية في محافظة الجوف بعد بسط سلطات الحوثيين على مساحات من أراضي قبيلة همدان في مديرية الحزم، ومنحت قبيلة همدان قوات وزارة الداخلية الحوثية مهلة مدتها ساعة واحدة لإخلاء تلك الأراضي في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، وتجاهلت الشرطة المهلة بل وأرسلت التعزيزات، مما أدى إلى اشتباكات انتهت باستعادة رجال القبائل للأرض، وفي نفس اليوم اتفقت القبائل في اجتماع لقبائل دهم ضم ممثلين عن قبائل همدان وذو حسين وبني نوف والمهابيب والمسلم والأشراف وفقمان على تشكيل تحالف ضد أي طرف يعتدي على أراضي القبائل. توصلت قبيلة همدان وسلطات الحوثيين بعد ذلك إلى هدنة رغم أن السكان المحليين يعتقدون أن هجوم مسلحين مجهولين على نقطة تفتيش أمنية في 18 نوفمبر/تشرين الثاني كان بهدف إحداث توتر بين الطرفين.
الناقلة صافر
بعد أشهر من جمع التبرعات والاتفاق الظاهري بين الأمم المتحدة والحوثيين لإنقاذ السفينة صافر، شهدت المعمعة التي تحيط بها العديد من التطورات في نوفمبر/تشرين الثاني، ففي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، اتهم وزير الإعلام معمر الإرياني الحوثيين بمنع فريق فني للأمم المتحدة من زيارة الناقلة لتقييم وضعها وصيانتها، وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني، التقى وزير المياه والبيئة، توفيق الشرجبي، بسفير التنمية المستدامة في وزارة الخارجية الهولندية، رينيه فان هيل، على هامش مؤتمر المناخ السابع والعشرين لمناقشة الموضوع. أعرب الشرجبي في حديثه مع مركز صنعاء عن تحفظات الحكومة على خطة نقل النفط من الناقلة إلى ناقلة جديدة، بحجة أنه يجب إبعاد النفط من المنطقة بالكامل، فوجود النفط في المنطقة يعني منح الحوثيين وسيلة للابتزاز. لكن رئيس هيئة الشؤون البحرية الموالية للحكومة محمد مبارك بن عيفان شدد في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط في 21 نوفمبر/تشرين الثاني على ضرورة تفريغ النفط من الناقلة المتهالكة أولًا ومن ثم الاتفاق على الوجهة النهائية للنفط. أما في 18 نوفمبر/تشرين الثاني فقد أعلنت الأمم المتحدة أن عملية تفريغ الناقلة صافر ستبدأ أوائل عام 2023.
تطورات سياسية أخرى
6 نوفمبر/تشرين الثاني: أصدر اتحاد الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد بيانًا يدين تشييد مبانً في مطار صنعاء لا تمتثل لمعايير منظمة الطيران المدني الدولية ويحذر من أن عدم اتباع إجراءات الأمن والسلامة الدولية قد يؤدي إلى تعليق الرحلات الجوية، ودعا الاتحاد سلطات الحوثيين إلى وقف البناء وإزالة جميع المباني التي لا تطابق المعايير، في حين أفادت وسائل إعلام محلية بأن سلطات الحوثيين هددت موظفي الاتحاد عقب إصدار هذا البيان. الجدير بالذكر أن هناك حاليًا ثلاث رحلات أسبوعية بين صنعاء وعمّان.
18 نوفمبر/تشرين الثاني: أصدر فؤاد راشد رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري قرارًا بإقالة خمسة أعضاء بارزين من الحركة ردًا على عقدهم اجتماعًا خاصًا بهم حاولوا فيه عزله من قيادة الجماعة، واتهم راشد قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي وموظفي مكتب محافظ عدن الموالي للمجلس الانتقالي الجنوبي أحمد لملس بدعم الخمسة في محاولة لاستمالة المجلس.