تمحورت التطورات الاقتصادية في شهر سبتمبر/ أيلول حول أزمة الوقود التي شهدتها المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، واستمرار تأخر الجانب السعودي الإماراتي بوفائه بحزمة الدعم الاقتصادي المتعهد بها للحكومة. في ظل النقص الحاد في الوقود، شرعت السلطات الحوثية مطلع شهر سبتمبر/ أيلول بتفعيل خطة طوارئ في المناطق الخاضعة لسيطرتها لتوزيع المشتقات النفطية، متهمة التحالف بالوقوف وراء الأزمة وإعاقة دخول السفن المحملة بشحنات النفط إلى ميناء الحديدة، بينما اتهمت الحكومة الحوثيين بافتعال الأزمة عبر منع تجار الوقود من تقديم وثائق استيراد الوقود النظامية بحسب الآلية المتفق عليها بين الطرفين. بحلول منتصف سبتمبر/ أيلول، تم تفادي تفاقم الأزمة بعد سماح الحكومة بدخول ثمانِ سفن محملة بالوقود إلى ميناء الحديدة.
على صعيد آخر، ظل خطر تجدّد تذبذبات سعر الصرف قائمًا خلال الشهر مع استمرار تعليق الرياض وأبو ظبي الدعم المالي الذي تعهدتا به للبنك المركزي اليمني في عدن، إلا أن سعر تداول قيمة الأوراق النقدية الجديدة للريال كان مستقرًا نسبيًا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة معظم شهر سبتمبر/ أيلول. من جهة أخرى، توصلت السعودية والحكومة اليمنية إلى اتفاق أواخر سبتمبر/ أيلول لتزويد الحكومة اليمنية بمنحة جديدة من المشتقات النفطية بقيمة 200 مليون دولار أمريكي، لدعم تشغيل محطات توليد الكهرباء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
مزاعم تجدّد أزمة الوقود في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين
ظهرت أزمة وقود في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون خلال شهر سبتمبر/أيلول، أعلنت على ضوئها شركة النفط اليمنية في صنعاء بدء العمل بخطة طوارئ اعتبارًا من 4 سبتمبر/أيلول لتوزيع المشتقات النفطية عقب إغلاق معظم محطات الوقود التابعة للدولة والمحطات التجارية أبوابها جراء النقص الحاد. تنامت أرباح السوق السوداء بداية الأزمة بصورة هائلة على إثر تراجع الإمدادات في السوق، حيث ارتفع سعر اللتر الواحد من البنزين بنسبة 67٪ (أي من 600 ريال يمني إلى 1000 للتر الواحد) في حين ارتفع سعر الديزل بنسبة 16٪ (أي من 690 ريالًا إلى 800 ريال). ووفق خطة الطوارئ التي اعتمدتها سلطات الحوثيين، حُددت 17 محطة وقود لتلبية الاحتياجات في السوق المحلية، ست منها في صنعاء وضواحيها، إلى جانب تخفيض حصة الوقود الذي يمكن لسائق كل سيارة شراؤها إلى 40 لترًا عبر استخدام نظام آلي لضمان الامتثال.
اتهمت شركة النفط اليمنية في صنعاء التحالف في 2 سبتمبر/ أيلول بالتسبب في حدوث الأزمة بعد منع ناقلات النفط من تفريغ حمولتها في ميناء الحديدة، وردًا على ذلك، اتهمت الحكومة السلطات الحوثية بمنع تجار الوقود في المناطق الخاضعة لسيطرتها من تقديم وثائق الاستيراد النظامية بموجب الآلية المعمول بها لاستيراد المشتقات النفطية عبر موانئ الحديدة التي رعتها الأمم المتحدة منذ أوائل أغسطس/ آب، ما تسبب في تزايد عدد السفن المنتظرة قبالة ميناء الحديدة. سمحت الحكومة لثمانِ سفن وقود دخول ميناء الحديدة بين 10 و11 سبتمبر/ أيلول، خارج إطار الإجراءات المعمول بها، حسب التقارير، لتلغي بعدها سلطات الحوثيين خطة الطوارئ الموضوعة لتوزيع المشتقات النفطية.
الإعلان عن منحة وقود جديدة من السعودية
توصلت السعودية والحكومة اليمنية إلى اتفاق في 29 سبتمبر/ أيلول لتزويد الحكومة اليمنية بمنحة جديدة من المشتقات النفطية بقيمة 200 مليون دولار أمريكي، لدعم تشغيل محطات توليد الكهرباء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. بموجب الاتفاقية المبرمة بين وزارة الكهرباء والطاقة والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، سيُوفر ما مجموعه 250 ألف طن متري من المشتقات النفطية، حيث أُعلن أيضًا عن تنفيذ البرنامج السعودي بالفعل إجراءات تسليم الدفعة الأولى من الوقود بقيمة 30 مليون دولار أمريكي لتشغيل أكثر من 70 محطة لتوليد الطاقة الكهربائية.
تأتي المنحة الجديدة بشكل أساسي امتدادًا لاتفاقية سابقة وُقعت في أبريل/ نيسان 2021 استمرت لعام واحد، جرى بموجبها تخصيص 422 مليون دولار أمريكي للحكومة لدعم شراء حوالي 1.26 مليون طن متري من مشتقات الوقود بالسعر السائد في السوق المحلية السعودية، بهدف دعم تشغيل أكثر من 80 محطة كهرباء في اليمن، لكن الحكومة لم تحصل إلا على 61٪ من هذه المنحة بحلول نهاية مدتها (أي أبريل/ نيسان 2022) على إثر تعليق البرنامج السعودي المنحة بدعوى ضعف وسوء الإدارة واستشراء الفساد الذي حال دون الاستفادة منها بشكل فعّال، إلى جانب عجز سلطات المحافظات المستفيدة من المنحة الوفاء بالتزاماتها المالية المتمثلة في سداد ثمن الكهرباء التي حصلت عليها.
العملة النقدية
ظل سعر تداول الأوراق النقدية الجديدة من الريال اليمني مستقرًا نسبيًا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة معظم شهر سبتمبر/أيلول، حيث شهدت تقلبات طفيفة في الفترة ما بين 1 و27 سبتمبر/أيلول مع انخفاض قيمتها بنسبة 2.3٪ من 1,114 ريالًا مقابل الدولار في نهاية أغسطس/ آب إلى 1,140 ريالًا في 27 سبتمبر/أيلول. من جهة أخرى، ظل سعر تداول الأوراق النقدية القديمة للريال في مناطق سيطرة الحوثيين مستقرًا عند حوالي 560 ريالًا للدولار، مع تذبذب ضمن نطاق ضيق.
ظل خطر تجدد تفاوت سعر الصرف قائمًا طوال الشهر، مع استمرار تعليق الرياض وأبو ظبي الدعم المالي المُتعهد به للبنك المركزي اليمني في عدن. كانت السعودية والإمارات قد طالبتا منذ أوائل أبريل/نيسان بتنفيذ إصلاحات إدارية ومؤسسية كشرط مسبق لضخ الدعم المالي البالغ ملياري دولار أمريكي لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك. أفادت تقارير عن موافقة أبو ظبي -من حيث المبدأ -على إيداع حصتها من الدعم المتعهد به (أي مليار دولار أمريكي) في حساب البنك المركزي اليمني لدى الإمارات، بينما تصر الرياض على إيداع حصتها في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وتطالب البنك المركزي في عدن الوفاء بشروط لم يُكشف عنها بَعد للوصول إلى تلك الأموال. يواصل البنك المركزي في عدن (مع ما تبقى لديه من احتياطيات العملات الأجنبية لديه) طرح مزادات بيع العملات الأجنبية للبنوك التجارية، التي ستُخصص عائداتها لتمويل واردات السلع الأساسية.
على صعيد آخر، أعلنت الحكومة في 14 سبتمبر/أيلول موافقتها سداد مبلغ 30 مليون دولار أمريكي من أقساط الديون المستحقة للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، علمًا أن لجنة وزارية -برئاسة وزير التخطيط والتعاون الدولي -تسعى للتفاوض مع الدائنين الخارجيين حول إمكانية إعفاء اليمن من ديونه الخارجية أو تقليصها أو إعادة جدولتها، في ظل تدهور الوضع المالي للبلاد. في هذا السياق، التقى وفد حكومي برئاسة محافظ البنك المركزي اليمني في عدن أحمد أحمد غالب (يضم ممثلين عن البنك المركزي اليمني في عدن ووزارة المالية ووزارة التخطيط والتعاون الدولي) بمسؤولين من صندوق النقد الدولي بمقر بعثة الأخير في العاصمة الأردنية عمّان، خلال الفترة من 2 إلى 5 أكتوبر/تشرين الأول، حيث تناولت الاجتماعات السياسات المالية والنقدية للحكومة اليمنية، والظروف والتحديات الاقتصادية الراهنة والإصلاحات الرامية إلى تحسين استقرار الاقتصاد الكلي. بحسب تقارير، توصل صندوق النقد الدولي والحكومة اليمنية إلى اتفاق للإفراج عن الدعم المالي الذي أعلن الصندوق عن تخصيصه للحكومة العام الماضي (أغسطس/ آب 2021) بقيمة 650 مليون دولار أمريكي في شكل وحدات حقوق سحب خاصة، الذي لم يتمكن البنك المركزي اليمني في عدن من الاستفادة منه حينها. سيسمح الاتفاق الأخير بالإفراج عن نصف هذه الأموال، وإذا ما حدث فعلًا، سيعزز بشكل كبير احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي اليمني في عدن، وسيعزز حتمًا سعر تداول الطبعة الجديدة للريال اليمني.
من جهة أخرى، عقد البنك المركزي اليمني في عدن خلال شهر سبتمبر/ أيلول أربعة مزادات لبيع العملات الأجنبية للبنوك التجارية، حيث عرض مبلغ 30 مليون دولار أمريكي للبيع في المزادات الثلاثة الأولى (أي المزادات الـ 34 و35 و36 لعام 2022) وبلغت نسبة التغطية -أي إجمالي الطلبات المقدمة من مبالغ المزادات المعلن عنها -نسبة 100٪، لكن المزاد المقام في 27 سبتمبر/ أيلول شهد بيع أقل من نصف المبلغ المعروض. في ظل تراجع احتياطيات النقد الأجنبي، موّل البنك المركزي في عدن الجزء الأكبر من هذه المزادات من إيرادات الحكومة المتأتية من صادرات النفط والغاز المحدودة، كما يعتمد على الدعم السعودي غير المنتظم لحساب رواتب الأفراد العسكريين والأمنيين المدرجين في كشوفات الحكومة. رغم تخصيص الرياض ما يقرب من 300 مليون ريال سعودي شهريًا (أي حوالي 80 مليون دولار أمريكي) لحساب هذه الرواتب، يتم في بعض الأحيان إلغاء أو تأخير المدفوعات المتوقعة، مما يزيد من الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي اليمني في عدن.
مشروع قانون حوثي يحظر المعاملات الربوية
وافق مجلس الوزراء التابع للحوثيين بصنعاء في 5 سبتمبر/ أيلول على مشروع قانون يحظر “المعاملات الربوية”، استجابة لتوجيهات زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي بأسلمة الاقتصاد اليمني. تحظر المادة الأولى من القانون جميع أشكال مدفوعات الفائدة، سواء في المعاملات المدنية أو التجارية، بما في ذلك مدفوعات الفائدة المرتبطة بأذون الخزانة والسندات الحكومية التي يُنظر إليها كأدوات دين غير قانونية بموجب بعض أحكام الشريعة الإسلامية. أحال المجلس مشروع القانون إلى اللجنة الاقتصادية العليا التابعة للحوثيين لدراسته ومن ثم عرضه على مجلس النواب التابع للجماعة في صنعاء لإقراره. وفقًا لمصادر إعلامية، سحب مجلس الوزراء بعد إعلانه الأوّلي مشروع القانون الأصلي وأعاد طرحه في 17 سبتمبر/ أيلول مع إرفاق مذكرة إيضاحية تنص على وجوب المصادقة على القانون، ذلك أن الربا مُحرم شرعًا. في الفترة التي سبقت الإعلان، بعثت جمعية البنوك اليمنية برسالة خاصة إلى محافظ البنك المركزي اليمني في صنعاء بتأريخ 17 أغسطس/ آب، تتساءل فيها عن الأساس الفقهي الذي استند إليه القانون وتُحذر من التداعيات المالية الهائلة التي ستترتب على سنّه. أشارت الجمعية إلى تأجيل دول مثل ليبيا وإيران وباكستان والسودان فرض قوانين مماثلة بمجرد أن أدركت السلطات التحديات الكبيرة المنطوية على منع البنوك من التعامل بالفوائد، وأضافت الجمعية إن إلغاء جميع الفوائد المستحقة من السابق -بما في ذلك تلك التي تدين بها الحكومة للبنوك على أدوات الدين العام والتي تدين بها البنوك للعملاء على ودائعهم -سيتسبب في خسائر مالية على كافة الأصعدة وسيؤدي إلى كارثة اقتصادية تضاهي تلك التي تسبب بها تعليق رواتب موظفي الدولة.
قطاع الاتصالات
أعلنت “المؤسسة العامة للاتصالات” في صنعاء، المعروفة أيضًا باسم “يمن تيليكوم”، رسميًا في 24 سبتمبر/أيلول إطلاق خدمة الإنترنت اللاسلكي بتقنية الجيل الرابع “Yemen 4G”، حيث يتيح النظام الجديد على ما يبدو تقنية الجيل الرابع لشبكات الهاتف المحمول التي تسمح بنقل البيانات بسرعة تصل إلى 100 ميغابايت في الثانية. وفقًا للإعلان، ستغطي الخدمة في المرحلة الأولى 11 محافظة خاضعة لسيطرة الحوثيين، ويُتوقع أن تُدرّ إيرادات هائلة للسلطات في صنعاء كونها ستغطي العديد من المناطق التي تعاني من ضعف أو انعدام خدمة الإنترنت.