في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، فشلت جهود تمديد الهدنة المبرمة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين المسلحة البادئ سريانها منذ أبريل/نيسان الماضي برعاية الأمم المتحدة، بعد أن حققت أطول فترة مستدامة من الهدوء النسبي منذ بدء النزاع وحقنت دماء المدنيين. شهد شهر سبتمبر/أيلول مفاوضات عقيمة لتمديد وتوسيع نطاق الهدنة، ورغم الجولات المكوكية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في المنطقة لحشد الدعم اللازم لتمديدها، ظل الخلاف بين الحكومة والحوثيين حول شروط الاتفاق. ألقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي -خلال وجوده في نيويورك لحضور الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة -خطابًا اتهم فيه الحوثيين بالتنصل من التزاماتهم بموجب الهدنة، بينما أبدى القادة الحوثيين في اليمن عزمهم استئناف المعارك القتالية من خلال عروض عسكرية ضخم استعرضت الجماعة خلالها منظومة أسلحة جديدة.
ركزت المفاوضات الرامية لتمديد الهدنة وتوسيع نطاقها على دفع رواتب موظفي القطاع العام، وإعادة فتح الطرق، والسماح باستيراد الوقود عبر ميناء الحديدة، وزيادة عدد ووجهات الرحلات الجوية المنطلقة من مطار صنعاء، لكن التفاؤل بتوصل الأطراف إلى اتفاق لم يشفع لتمديدها، وانهارت المحادثات بسبب تقديم فريق التفاوض الحوثي مطالب في اللحظة الأخيرة تنص على إدراج بعض الأفراد العسكريين في فاتورة الرواتب التي يتعيّن على الحكومة سدادها.
تستمر الجهود لإعادة إحياء الهدنة، مع عدم حدوث أي عمليات عسكرية كبرى في الأيام التي تلت انتهاء سريانها. تظل مسألة سداد الرواتب دافعًا أساسيًا للتوصل إلى اتفاق جديد في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، رغم عدم استبعاد أن يسعى الحوثيون للحصول على الأموال بوسائل أخرى، منها تهديد شركات الطاقة الأجنبية العاملة في المنطقة التي لا تذعن لأوامرها.
رغم السلام المؤقت الذي تمخض عن الهدنة بين الأطراف الرئيسية المتحاربة، تصاعدت حدة التوترات الداخلية في كلا المعسكرين خلال مدة سريانها وحتى شهر سبتمبر/ أيلول. الصدع بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي لم يرأب في أعقاب طرد القوات العسكرية والأمنية الموالية للإصلاح من شبوة على يد القوات المدعومة إماراتيًا في أغسطس/آب. ومع قضاء رئيس المجلس رشاد العليمي معظم أيام الشهر خارج البلاد، واصل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي تعزيز قبضته السياسية في عدن (الخاضعة لسيطرة الانتقالي)، مقدمًا نفسه رئيسًا فعليًا لمجلس القيادة الرئاسي. بسط المجلس الانتقالي سيطرته على مناطق في أبين وشبوة في إطار حملة “اسمية” لمكافحة الإرهاب، وأيّد علنًا دعوات لطرد قوات الإصلاح وغيرها من القوات غير التابعة له من وادي حضرموت والمهرة، إلى جانب تنظيمه مظاهرات محلية. أواخر الشهر، دُعي مجلس القيادة الرئاسي لاجتماع مع وزير الدفاع السعودي المعيّن حديثًا خالد بن سلمان، وهي المرة الأولى التي يجتمع فيها جميع أعضاء المجلس معًا منذ تشكيله في أبريل/ نيسان 2022.
من ناحية أخرى، ظهرت مؤشرات على وجود صدع محتمل داخل قيادة جماعة الحوثيين، في ظل تنظيم عروض عسكرية مختلفة من قِبل وزارتي الدفاع والداخلية التابعتين لسلطات الحوثيين، فضلًا عن الخطابات المتناقضة لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط وكبير المفاوضين محمد عبدالسلام، والتضارب الواضح بشأن تمديد الهدنة، وهو ما يوحي بانقسام المواقف داخل معسكر الجماعة حول الطريقة الأمثل للمُضي قُدمًا وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية واستمرار الاحتجاجات في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.
انتهاء سريان الهدنة
رغم التفاؤل الذي عمّ في وقت سابق من الشهر بإعادة تمديد الهدنة للمرة الثالثة، تنامت المخاوف أواخر سبتمبر/ أيلول من عدم حدوث ذلك، لتفشل بالفعل جهود تمديدها في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول. وضعت المحادثات التي يسرتها الأمم المتحدة -الساعية إلى ضمان هدنة موسعة تمتد لستة أشهر -الحكومة تحت ضغط دولي كبير في ظل عزم جماعة الحوثيين الحصول على أقصى قدر من التنازلات. تضمنت إحدى نقاط التفاوض الرئيسية إعادة فتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز (الخاضعة لسيطرة الحكومة) مقابل مساهمة الحكومة في آلية لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في مناطق سيطرة الحوثيين. أصرت الحكومة على إعادة فتح طرق تعز أولًا، بموجب شروط اتفاق الهدنة الأصلية المُبرمة في أبريل/ نيسان 2022، بينما أصر المفاوضون الحوثيون على أن تحظى مسألة دفع الرواتب بالأولوية إلى جانب تغيير موقفهم إزاء مضمون لائحة الأفراد الذين يُفترض تلقيهم مدفوعات الرواتب على مدار الشهر، مطالبين في البداية بأن يشمل أي اتفاق الموظفين المعينين من قبل سلطات الحوثيين منذ عام 2014، قبل أن يظهروا انفتاحا أكبر إزاء سداد رواتب القوى العاملة فقط لعام 2014. فشلت جهود تمديد الهدنة نهاية المطاف، بعد مطالبة الحوثيين في اللحظة الاخيرة إدراج أفراد عسكريين وأمنيين إضافيين في فاتورة الرواتب.
وفقًا للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، قدمت الأمم المتحدة مقترحًا للأطراف المتحاربة مطلع أكتوبر/تشرين الأول يتضمن دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، وإعادة فتح الطرق المؤدية إلى تعز وغيرها من المحافظات، وزيادة عدد وجهات الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء، ودخول سفن الوقود عبر ميناء الحديدة دون قيود. بحسب التقارير المتداولة، وافقت الحكومة على مقترح تمديد الهدنة بينما أصرّت جماعة الحوثيين في اللحظة الأخيرة على مطالب تقضي بإدراج أفراد إضافيين من وزارتي الدفاع والداخلية التابعتين لسلطتها إلى قائمة موظفي الدولة في مناطق سيطرتها ممن تلقوا رواتب غير منتظمة منذ عام 2014، وهو ما رفضه مجلس القيادة الرئاسي. اقترح مفاوضو الأمم المتحدة صيغة أخرى للاتفاق تسمح بإضافة بعض الأفراد العسكريين والأمنيين من القطاع العام، لكن دون جدوى، بينما تستمر الجهود للتوصل إلى اتفاق يمنع انتكاس الوضع وعودة الصراع على نطاق واسع حسب ما أكده غروندبرغ.
لم تُسجَّل بعد انتهاء فترة الهدنة أي تحركات عسكرية كبيرة للقوات أو العتاد قد تحفز استئناف الغارات الجوية للتحالف، رغم ورود أنباء عن قصف محدود استهدف خطوط التماس في مأرب وتعز والضالع، إلا أن الحوثيين أمروا شركات الطاقة العاملة في اليمن بوقف أنشطتها تحت تهديد شن هجمات على مواقعها، وحذروا أيضًا العاملين في السعودية والإمارات من احتمال استهدافهم. يبدو أن هذه التهديدات تتنامى على وقع الجهود الحكومية مؤخرًا لإقناع شركة الطاقة الفرنسية العملاقة توتال بإنعاش صادرات الغاز من منشأة بلحاف للغاز الطبيعي المسال في شبوة.
تبدل موقف الحوثيين إزاء الهدنة جاء مفاجئًا للعديد من الجهات، فالضغوط على المستوى المحلي في مناطق سيطرة الجماعة لتخفيف وطأة الوضع الاقتصادي المتردي، إلى جانب المناقشات حول فتح الطرق وسداد الرواتب كانت تدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق. اتهم مجلس القيادة الرئاسي جماعة الحوثيين بعرقلة سير المفاوضات إما لخدمة أجندة إيران، أو تحت ضغط من الحرس الثوري الإيراني في أعقاب الاحتجاجات المناهضة للحكومة هناك، ويبدو أن الرسالة المُراد إيصالها هو أن السعودية لا يمكن أن تنعم بالاستقرار إن لم تنعم إيران بذلك. من المحتمل أن يكون الحرس الثوري الإيراني قد تصرف من تلقاء نفسه أو أن الحكومة الإيرانية تتظاهر بتجاهل الأمر، أعربت الخارجية الإيرانية عن دعمها تمديد الهدنة واتهم المرشد الأعلى علي خامنئي وسائل الإعلام السعودية بتأجيج الوضع.
هناك تكهنات بأن موقف جماعة الحوثيين يعكس انقسامًا بين قياداتها، فكبير مفاوضيها في مسقط محمد عبدالسلام أقنع سلطنة عُمان بوجود اتفاق على تمديد الهدنة لستة أشهر، غير أن المجلس السياسي الأعلى للحوثيين برئاسة مهدي المشاط، أصدر بيانًا في 2 أكتوبر/تشرين الأول رفض فيه الشروط التي كانت موضع نقاش. الهدنة بحد ذاتها أدت إلى ذوبان التلاحم الداخلي للحوثيين، حيث تنافست قطاعات مختلفة في مناطق سيطرة الجماعة لوضع يدها على الموارد، في حين شكل غياب المعارك القتالية تهديدًا بإضعاف الأساس الأيديولوجي الذي يجمع مختلف أطياف الجماعة. يبقى من غير الواضح ما يريده الجانب الحوثي في هذه المرحلة، حيث قال مسؤولون حوثيون في صنعاء -خلف الكواليس -إن نية زعيمهم عبدالملك الحوثي تجديد الهدنة شريطة بدء مفاوضات مباشرة مع السعودية. تبقى الاحتمالات الواردة هذه المرحلة إما بإبرام هدنة أخرى يُمهَّد لها بشكل من أشكال التواصل بين الحوثيين والسعوديين، أو عودة المعارك القتالية وهذه المرة بمستويات جديدة إذا ما أُخذت تهديدات الحوثيين على منشآت النفط والغاز في اليمن والسعودية على محمل الجد. قد تصب هدنة غير معلنة -أي فترة من المناوشات البسيطة يغيب فيها أي اتفاق رسمي -في مصلحة كلا الطرفين، بالنظر للخلافات الداخلية الدائرة على كلا الجانبين، هنا قد يبني الحوثيون حساباتهم على التكهن القائل إنه حتى في حال عدم تجديد الهدنة، سيبذل التحالف كل ما في وسعه للامتناع عن استئناف الضربات عبر الحدود قبيل انطلاق مباريات كأس العالم في قطر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني -مع أمّل كل من السعودية والإمارات في جذب الزوار المتجهين إلى الدوحة -هذا من شأنه أن يسمح لصنعاء بالتركيز على تعزيز قدراتها في خطوط المواجهة. مع تنامي الضغط وحدّة الانقسام في كلا المعسكرين، يظل الخطر محدقًا من خروج الأمور عن السيطرة.
التطورات على الساحة الدولية
تواصلت الجهود الساعية لتمديد الهدنة خلال شهر سبتمبر/أيلول، حيث اختتم المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ زيارة إلى إيران التقى خلالها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في 5 سبتمبر/أيلول. مع اقتراب نهاية الشهر، بدت آفاق تمديد الهدنة هشة أكثر من أي وقت مضى، ما دفع غروندبرغ لزيارة مسقط في 26-27 سبتمبر/ أيلول على أمل دفع عجلة الأمور قُدمًا (لا سيما بعد أن أثبتت وساطة عُمان نجاعتها في المفاوضات السابقة مع الحوثيين)، أعقبها زيارة له إلى الرياض. من ناحية أخرى، عاد المبعوث الأميركي الخاص تيم ليندركينغ إلى الولايات المتحدة في 15 سبتمبر/ أيلول، بعد جولة إقليمية شملت السعودية والإمارات وعُمان ركز خلالها مع المسؤولين على بحث الجهود المبذولة لتمديد وتوسيع الهدنة.
يُذكر أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي كان قد غادر أوائل شهر سبتمبر/ أيلول إلى أبو ظبي والرياض للحصول على دعم مالي، ورأب الصدع مع العناصر الموالية لحزب الإصلاح داخل المجلس في أعقاب التوغل العسكري للقوات المدعومة إماراتيًا في محافظة شبوة شهر أغسطس/آب الماضي. أجرى العليمي زيارة رسمية إلى برلين في 12 سبتمبر/أيلول التقى خلالها المستشار الألماني أولاف شولتس (الذي زار لاحقًا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالرياض في 25 سبتمبر/أيلول) ومنها إلى الولايات المتحدة في 18 سبتمبر/أيلول للمشاركة في الدورة العادية الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة حيث اجتمع بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والمبعوث الأمريكي ليندركينغ في 19 سبتمبر/أيلول. اتهم العليمي في خطابه أمام الجمعية العامة في 22 سبتمبر/أيلول، جماعة الحوثيين باختلاق الأعذار لإفشال الهدنة وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق سلام شامل في اليمن.
في 28 أيلول/سبتمبر، أسند العاهل السعودي الملك سلمان رئاسة الوزراء (منصب يشغله بالعادة الملك) إلى نجله ولي العهد محمد بن سلمان (يُنظر إليه كحاكم فعلي للمملكة)، إلى جانب ترقية نجله الآخر خالد بن سلمان إلى منصب وزير الدفاع (منصب كان يشغله شقيقه محمد إلى جانب منصبه كنائب رئيس الوزراء قبل التعديلات الوزارية الأخيرة).
بعد انتهاء سريان الهدنة، اجتمع وزير الدفاع اليمني محسن الداعري ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش اليمني صغير حمود عزيز في 3 أكتوبر/تشرين الأول بالرياض مع القيادة العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية، بما في ذلك قائد القوات المشتركة للتحالف مطلق الأزيمع. ووفقًا لتغريدة بن عزيز على تويتر، استعرضت المناقشات “طبيعة الموقف العسكري في جبهات القتال المختلفة والخطط العملياتية، استعدادًا للمرحلة المقبلة”.
على صعيد آخر، أفرجت السلطات الإريترية في 7 سبتمبر/أيلول عن 198 صيادًا يمنيًا كانوا محتجزين لديها في جزيرة ترمة شمال ميناء عصب لأكثر من شهرين، مع تقارير تفيد بتعرضهم للتعذيب وإجبارهم على أداء أعمال شاقة. احتلت إريتريا جزر حنيش من عام 1995 إلى 1998، حتى حسمت هيئة التحكيم الدولية المكلفة بالنظر في النزاع اليمني-الإريتري القضية لصالح اليمن ومنحتها السيادة على الجزر. شهدت فترة النزاع اختطاف مئات الصيادين اليمنيين على يد القوات البحرية الإريترية التي استولت أيضًا على العديد من قوارب الصيد، وما تزال إريتريا تنازع على عدد من الجزر وحقوق الصيد في البحر الأحمر.
السياسة والحُكم في معسكر الحكومة
واصل المجلس الانتقالي الجنوبي حملته لتعزيز نفوذه في الجنوب مستغلًا غياب رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حيث التقى رئيسه عيدروس الزُبيدي أطرافًا جنوبية طوال شهر سبتمبر/ أيلول، فيما اعتبره البعض محاولة لتقديم نفسه كرئيس فعلي لمجلس القيادة الرئاسي. قال الزُبيدي خلال ترأسه اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء في 18 سبتمبر/أيلول -بحضور رئيس الحكومة معين عبدالملك -إن عمل وزراء الحكومة ونوابهم من خارج اليمن لم يعد مقبولًا، داعيًا إلى فتح مقرات الوزارات في عدن (العاصمة المؤقتة الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي) ومزاولة جميع المسؤولين مهامهم من المقرات الرئيسية لوزاراتهم. انتقد الزُبيدي ما وصفه عدم مسؤولية بعض الوزراء وترددهم في ظل عملهم من خارج البلاد، مهددًا بتعليق رواتب من يعزفون عن العودة. بحسب تقارير، يسعى مجلس القيادة لإسقاط بعض المسؤولين من كشوفات الرواتب الباهظة للحكومة، بسبب الضغوط المالية وبغية إلزام الوزراء وغيرهم من المسؤولين بالعودة من الخارج (مثلًا من مصر وتركيا)، على أن يُعفى من لا يمتثلون للتوجيهات من مناصبهم توفيرًا للميزانية.
هناك تقديرات تشير إلى تكبد الحكومة حوالي 9 مليارات ريال يمني (36 مليون دولار أمريكي) سنويًا لقاء رواتب الملحقين غير الرسميين المعينين في سفاراتها بالخارج منذ عام 2015. حاليًا، يزاول معظم الوزراء، بمن فيهم الموالون لحزب الإصلاح، مهامهم من عدن حيث يُعد الوضع الأمني تحت السيطرة بما فيه الكفاية مع هيمنة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيسه الزُبيدي.
أواخر سبتمبر/أيلول، دعت السعودية أعضاء مجلس القيادة الرئاسي لاجتماع في الرياض حيث التقوا بوزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان في 28 سبتمبر/أيلول، وهي المرة الأولى التي يجتمع فيها جميع أعضائه تحت سقف واحد منذ تشكيله في أبريل/ نيسان 2022. بحسب الأنباء المتداولة، سعى خالد بن سلمان إلى تعويض الغياب السعودي عن التطورات السياسية التي عصفت بمعسكر الحكومة خلال فترة الصيف على إثر اندلاع المعارك القتالية في شبوة. شدد عبدالله العليمي، عضو المجلس الرئاسي الموالي للإصلاح على أهمية التوصل لاتفاق يضمن عودة قوات الأمن الخاصة الموالية للإصلاح إلى مدينة عتق، مركز محافظة شبوة، وانسحاب ألوية العمالقة المدعومة إماراتيًا، في حين جادل محافظ مأرب وعضو المجلس سلطان العرادة بضرورة استقالة محافظ شبوة عوض ابن الوزير العولقي من منصبه.
ظل رئيس الحكومة معين عبدالملك بعيدًا عن الأضواء خلال شهر سبتمبر/أيلول، رغم عودته إلى عدن في الخامس من الشهر بعد قضاء ما يقرب من الشهرين في الخارج لتلقي العلاج الطبي. اقتصر حضوره على الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء الذي ترأسه رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي في 18 سبتمبر/أيلول، وأحد الأسباب المرجحة لذلك هو رغبته في إخماد التكهنات التي تحوم منذ أشهر حول احتمال استبداله، لا سيما أنه واحد من ثلاث شخصيات منحدرة من تعز تتولى منصبًا حكوميًا رفيعًا (إلى جانب رشاد العليمي ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني). فترة غيابه تخللتها تغييرات كبيرة داخل معسكر الحكومة، شملت سلسلة من التعيينات في مناصب وزارية وحكومية رئيسية، فضلًا عن اندلاع أعمال عنف في شبوة. رغم احتمالية صدور قرار استبداله بتوجيه من الرياض، قد تدفع الاضطرابات الأخيرة الحاصلة في الجنوب لإبقائه في منصبه. في هذا السياق، لُوحظ نشاط مكثف لمحافظ عدن أحمد لملس -أحد المرشحين لخلافة معين -خلال سبتمبر/أيلول، حيث ظهر بمواقف علنية إزاء مسألة دفع رواتب المعلمين والأفراد العسكريين، متعهدًا للمعلمين المضربين عن العمل بسداد رواتبهم رغم أن القضية تُعد، قانونيًا، خارج نطاق اختصاصه.
على صعيد آخر، عمّت الاحتفالات بالذكرى الستين لتأسيس الجمهورية أرجاء اليمن، 26 سبتمبر/ أيلول، حيث أُوقدت المشاعل وأُطلقت الألعاب النارية وعُزفت الأغاني الوطنية. فسرت بعض الأوساط هذه الاحتفالات -خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين -كإشارة على رفض حُكم الجماعة رغم حرص سلطاتها على إخماد جذوة التجمعات الشعبية المُحتفية بعيد الثورة واكتفائها بخطاب من مهدي المشاط اتهم فيه جهات خارجية بالسعي إلى تقويض استقلال اليمن منذ عام 1962. من جهة أخرى، نظّم محافظ مأرب الموالي للإصلاح سلطان العرادة، عرضًا عسكريًا ضخمًا في مأرب، بدا كاستعراض قوة يهدف لتوجيه رسالة ليس فقط إلى الحوثيين، بل أيضًا إلى خصوم الإصلاح في المجلس الانتقالي الجنوبي، مفادها أن الحزب يظل قوة لا يُستهان بها. في حضرموت، خرج عشرات الأشخاص من قبيلة باكثير وغيرهم من السكان المحليين إلى شوارع مدينة سيئون على متن السيارات والدراجات النارية احتفالًا بالذكرى الستين لثورة 26 سبتمبر/ أيلول، حيث جالوا المدينة رافعين العلم اليمني. كما احتفل عشرات الأشخاص في شوارع المكلا، ووردت أنباء عن اعتقال بعضهم من قِبل وحدات من قوات الأمن والجيش بسبب رفعهم العلم اليمني. اتهمت وسائل الإعلام الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي المُعتقلين أنهم شماليون ومؤيدون للإصلاح.
التطورات في عدن
وُجهت أصابع الاتهام إلى السلطات الموالية للمجلس الانتقالي في محافظة عدن بارتكاب انتهاكات متعددة لحرية الصحافة خلال شهر سبتمبر/أيلول، وهو ما يعكس مساعي المجلس لزيادة سيطرته على وسائل الإعلام في العاصمة المؤقتة. في 6 سبتمبر/أيلول، بعث الصحفي والباحث فؤاد مسعد رسالة إلى المنظمات المحلية والإقليمية والدولية المعنية بالدفاع عن حرية الصحافة، زعم فيها صدور قرار من نائب رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي “مختار اليافعي” يمنعه من إجراء مقابلة مع قناة بي بي سي عربي، وأي مقابلات تلفزيونية مع القنوات الفضائية في عدن مستقبلًا. اتهم مسعد اليافعي بتوزيع قائمة تضم أسماء الصحفيين الرافضين التقيد بإرشاداته على وسائل الإعلام في عدن تحذرها من بث أي لقاءات معهم. من جانبه، نفى اليافعي هذه المزاعم ببيان صحفي في 7 سبتمبر/أيلول، مدعيًا أنها تتزامن مع حملة إعلامية لحزب الإصلاح تهدف إلى الإساءة للجنوب والمجلس الانتقالي والقوات المسلحة الجنوبية المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب بمحافظة أبين.
في سياق مشابه، داهم مسلحون مقر نقابة الصحفيين اليمنيين بمديرية التواهي في 20 سبتمبر/أيلول، لتتدخل بعدها بساعات شرطة مديرية التواهي بقيادة أمجد الصبيحي -بناء على أوامر من مدير أمن عدن اللواء مطهر الشعيبي -وأمرت المسلحين بإخلاء المقر. جاءت المداهمة في أعقاب تشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تحت رعاية المجلس الانتقالي الجنوبي في وقت سابق من الشهر وعلى وقع حملة تحريض شنتها وسائل الإعلام الموالية للمجلس ضد نقابة الصحفيين اليمنيين.
التطورات في حضرموت
ما زالت محافظة حضرموت تشهد حملات تحريضية ينظمها المجلس الانتقالي الجنوبي لإقالة المسؤولين الموالين للإصلاح في وادي حضرموت عقب تعيين المحافظ الجديد مبخوت بن ماضي أوائل أغسطس/آب. باتت تلوح بوادر مواجهات في الأفق، بالتزامن مع طرد قوات الإصلاح من شبوة في أغسطس/آب الماضي وتنامي الاحتجاجات في محافظة المهرة المجاورة.
في 31 أغسطس/آب، أصدرت مجموعة تطلق على نفسها اسم “شباب الغضب” بوادي حضرموت بيانًا دعت فيه الشباب والمكونات المجتمعية والنقابات العمالية للمشاركة في احتجاجات سلمية بمدن ومديريات وادي حضرموت لوضع حد لما وصفه البيان بالاستهداف الممنهج ضد أبناء وادي حضرموت والتنديد بتردي الأوضاع الاقتصادية. دعا المنظمون لاستبدال قيادة المنطقة العسكرية الأولى الموالية للإصلاح. على هذا الأساس، تظاهر المئات في الثاني من سبتمبر/أيلول بمدينة تريم رافعين أعلام ما كان يُعرف سابقًا باليمن الجنوبي. احتشد متظاهرون في مدينة القطن ومدينة حورة ومديرية الصح في وادي حضرموت في 23-24 سبتمبر/أيلول استجابة لدعوة من لجان محلية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تطالب بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى الموالية الإصلاح. في 17 سبتمبر/أيلول، أكدت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي مجددًا دعمها لما وصفته بالحراك الجماهيري، مشيدة بـ”الزخم” الذي خلقه المتظاهرون من خلال احتجاجاتهم السلمية المطالبة باستبدال “القوات الشمالية”.
في 12 سبتمبر/أيلول، وصل محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي إلى مدينة سيئون بوادي حضرموت في إطار جولة في مديريات الوادي والصحراء يقوم بها للمرة الأولى منذ تعيينه في 31 يوليو/تموز. في اليوم التالي، انتدب ابن ماضي وكيل محافظة حضرموت المساعد لشؤون مديريات الوادي والصحراء هشام محمد السعيدي بتيسير عمل المكاتب التنفيذية، في خطوة تستبدل عمليًا وكيل محافظة حضرموت عصام الكثيري -المسؤول الموالي للإصلاح الذي أُوقف عن العمل من قِبل محافظ حضرموت السابق فرج البحسني قبل إعادته إلى منصبه أواخر يوليو/تموز. في 19 سبتمبر/أيلول، أصدر ابن ماضي قرارًا يقضي بإعفاء عدد من المستشارين انطلاقًا مما وصفه بتبني نهج جديد قائم على الاستماع المباشر من المواطنين والتشاور بشكل شمولي مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، في حين وردت أنباء عن إرسال الإمارات طائرة لنقل المحافظ إلى أبو ظبي في أعقاب هذا الإعلان. رغم التكهنات القائلة إن اجتماعات ابن ماضي في الإمارات ستناقش احتمالات استبدال المسؤولين الموالين للإصلاح في وادي حضرموت، طُرحت نظريات أخرى تُرجح أن رحلته إلى أبوظبي عكست استياءً إماراتيًا من بعض تعييناته الجديدة، بما في ذلك إقالة بعض المسؤولين المحليين الموالين للمجلس الانتقالي ومدير مكتب وزارة التربية والتعليم في ساحل حضرموت جمال سالم عبدون.
لم يضمحل حضور عضو مجلس القيادة الرئاسي فرج البحسني في المحافظة، رغم إقالته من منصبه كمحافظ حضرموت أواخر يوليو/ تموز، حيث استقبل المدير التنفيذي لمؤسسة العون للتنمية في مكتبه بالمكلا في 6 سبتمبر/أيلول، وقبل ذلك محافظ حضرموت الحالي ابن ماضي لمناقشة أداء السلطات المحلية وخطط توفير الخدمات للمواطنين. كما عقد اجتماعات مؤخرًا مع مسؤولين من وزارة النفط والمعادن وعلماء دينيين ومسؤولين أمنيين.
التطورات في المهرة
تصاعدت التوترات في محافظة المهرة خلال سبتمبر/أيلول مع استمرار مساعي المجلس الانتقالي ببسط نفوذه في المحافظة ووادي حضرموت، ووجهت لجنة الاعتصام السلمي أصابع الاتهام في 4 سبتمبر/أيلول إلى السعودية والإمارات و”وكلائهما” بالتخطيط لإشاعة الفوضى وتأجيج النزعة المناطقية في المهرة بعد مطالبة مجموعة من مؤيدي المجلس الانتقالي بإخراج من وصفتهم بـ”القوات الشمالية”، لا سيما تلك الموالية لحزب الإصلاح. تجدر الإشارة إلى أن اللجنة -المدعومة من سلطنة عُمان والمعارضة لوجود قوات التحالف في المحافظة -تحتفظ بعلاقة مستقرة نسبيًا مع القوات العسكرية الشمالية المُستهدفة من قِبل المجلس الانتقالي، وأصدر رئيس اللجنة الشيخ علي الحريزي عدة تحذيرات للمجلس الانتقالي بشأن جرّ أبناء المهرة إلى الصراع، متعهدًا بالدفاع عن المحافظة ضد القوى الخارجية.
أبرزت المظاهرات العديدة المؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي حدة التوترات المتصاعدة، مع خروج آلاف الأشخاص للتظاهر في شوارع مديريتي سيحوت والمسيلة في 6 سبتمبر/أيلول، وتنظيم مسيرة حاشدة بالسيارات جابت شوارع مدينة الغيضة (عاصمة المهرة) في 8 سبتمبر/أيلول للمطالبة بخروج القوات العسكرية الموالية لحزب الإصلاح. في 16 سبتمبر/أيلول، ألقى مسؤولو المجلس الانتقالي الجنوبي، بمن فيهم نائب رئيس المجلس في المهرة حسن مهدي بلحاف، خطابات أمام حشود كبيرة من المتظاهرين في مديرية قشن، مرددين المطالب ذاتها بإخراج القوات العسكرية الشمالية، فضلًا عن إشهار مركز تنظيمي للمجلس في منطقة الحساي بمديرية المسيلة بحضور عدد من شيوخ القبائل والوجاهات الاجتماعية. ويبدو أن هدف المجلس من تنظيم هذه المسيرات الوقوف على مدى قابلية الجماهير للتعبئة ضد الوحدات العسكرية الشمالية، وإلى أي مدى يمكن تثبيط معنويات هذه القوات، إلا أن قيادة المجلس تبدو قلقة من أي تحالف محتمل بين هذه القوى ولجنة الاعتصام السلمي بقيادة الحريزي، الذي حذر المجلس الانتقالي مرارًا من أي مساعي للاستيلاء على السلطة في المحافظة.
وما يزيد من مخاطر أي تحرك مشترك للمجلس الانتقالي والإمارات هو النفوذ العُماني الطويل الأمد في المهرة، الذي سيكون أيضًا بمثابة اختبار رئيسي للسعودية. لم تحرك الرياض ساكنًا خلال حملة الاستيلاء على شبوة، ولا يتضح ما إذا كانت ستعترض على أي تحرك للمجلس الانتقالي ضد الإصلاح في حضرموت. رغم تقارب القيادة السعودية مع عُمان منذ تولي السلطان هيثم بن طارق زمام الحُكم عام 2020، جاءت المناورات العسكرية العُمانية في أغسطس/آب الماضي في منطقة ظفار المجاورة للمهرة، كرسالة مفادها أنها ستحاول منع المجلس الانتقالي (الذي تعتبره وكيل الإمارات) من استقطاب المهرة إلى دائرة نفوذها. اتسمت العلاقات العُمانية-الإماراتية بتقلبات في السنوات الأخيرة، لا سيما في أعقاب إعلان مسقط الكشف عن شبكة تجسس إماراتية عام 2011، بينما لا ترغب السعودية في تعكير صفو علاقاتها مع عُمان. ففي حين يُعتقد أن السعودية متعاطفة مع رغبة الإمارات في كسر شوكة الإصلاح في المحافظات الجنوبية، هي لا ترغب في المخاطرة برد انتقامي من عُمان يشمل توطيد تعاونها مع الحوثيين. تشهد المهرة منذ سنوات عدة احتجاجات شعبية تندد بالوجود العسكري السعودي، أدت مؤخرًا إلى اقتحام قوات موالية للتحالف منزل رئيس لجنة الاعتصام السلمي علي الحريزي الذي يتهمه السعوديون بالتحشيد العسكري من خلال صلاته بمعسكرات سرية في المنطقة الحدودية العمانية-اليمنية الوعرة سمحت بتهريب الأسلحة.
السياسة والحُكم في معسكر الحوثيين
عروض عسكرية
ظهرت بوادر انهيار الهدنة مع استعدادات الحوثيين لهذا الاحتمال طوال شهر سبتمبر/ أيلول من خلال سلسلة عروض عسكرية نظمتها الجماعة لاستعراض منظومة صواريخ وأسلحة جديدة. فبعد عرض مُصغّر نظمته وزارة الداخلية التابعة لسلطات الحوثيين في 15 سبتمبر/أيلول، احتفلت الجماعة في 21 سبتمبر/أيلول بالذكرى الثامنة لاستيلائهم على صنعاء من خلال عرض عسكري ضخم في ميدان السبعين، أماطت من خلاله اللثام عن قدرات اعتقد الكثيرون أنها دُمرت في وقت مبكر من الحرب، حيث حلقت طائرة هليكوبتر وطائرات مسيرة فوق موكب استعراضي لصواريخ باليستية وطائرات مسيرة وصواريخ وألغام بحرية وآليات مدرعة وقوارب عسكرية إلى جانب أفرادها المقاتلين. معظم الأسلحة المعروضة كانت إيرانية الصنع، رغم مزاعم الحوثيين بأنها مصنعة محليًا بعد تغيير أسمائها من قبيل: صاروخ حاطم (وهو صاروخ خيبر الإيراني)، وصاروخ روبيج البحري (وهو صاروخ هويزة الإيراني)، وصواريخ مندب 1 ومندب 2 (وهي صواريخ نور وقادر الإيرانية).
رغم أن العروض العسكرية هدفت إلى بعث رسالة قوة تدعم الموقف التفاوضي للحوثيين، عكس تنظيمها بشكل منفصل وجود صدع داخلي، حيث نظمت وزارة الداخلية التابعة لسلطات الحوثيين العرض العسكري في صنعاء بتأريخ 15 سبتمبر/أيلول، بينما نُظم العرض العسكري الضخم المقام في المدينة ذاتها بتأريخ 21 سبتمبر/أيلول من قِبل وزارة الدفاع التابعة للجماعة. كما نظمت قوات موالية للقيادي العسكري في الجماعة يوسف المدني عروضًا عسكرية أخرى خلال الأسابيع الأخيرة في إب والحديدة.
ألمحت خطابات القادة الحوثيين خلال العرض العسكري بتأريخ 21 سبتمبر/أيلول إلى وجود انقسامات محتملة، حيث اتسم خطاب رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط بنبرة أكثر تشاؤمية، في حين حذر زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي من تجدد المعارك القتالية وركز في معظم خطابه على مهاجمة الأطراف الداخلية المنتقدة لسياسات الجماعة.
التطورات في صنعاء
شهد شهر سبتمبر/أيلول هجمات متعددة استهدفت قضاة ومسؤولين في صنعاء، حيث أُردي عضو مجلس النواب السابق عبدالله محمد الكبسي قتيلًا بالرصاص أمام منزله بصنعاء في 1 سبتمبر/أيلول على يد صهره الذي اعتُقل لاحقًا في محافظة ذمار حسبما أعلنت وزارة الداخلية التابعة للحوثيين. في اليوم نفسه، لقي عضو المحكمة العليا القاضي محمد حمران مصرعه على يد مسلحين بعد أقل من يومين على اختطافه من منزله في حي الأصبحي بصنعاء، وتداولت الأنباء اعتقال خاطفيه -المشتبه بانتمائهم إلى الحوثيين -خلال مداهمة شنتها قوات الأمن في حي قرية حدة. تعرض حمران قبل مصرعه للانتقادات والتحريض ضده من قبل شخصيات إعلامية مؤثرة وقيادات حوثية، وردًا على اغتياله، نظم مشايخ ووجهاء اجتماعيين من محافظة إب (التي ينتمي إليها حمران) اعتصامًا في ميدان السبعين بصنعاء مطالبين بتقديم منفذي العملية إلى العدالة وفتح تحقيق لتحديد من يقف وراء حملة التشهير ضد القاضي. أعلن نادي قضاة اليمن تعليق العمل في النيابات العامة والمحاكم تنديدًا باغتيال حمران. تجدر الإشارة الى أن القضاة في مناطق سيطرة الحوثيين لا يزالون يتقاضون رواتبهم من الحكومة في عدن، وهو ما يفسره الحوثيون كسبب لرفض القضاة خطط إصلاح النظام القضائي التي وضعوها للسيطرة على هذا الجهاز، والتي تشمل إعفاء قضاة واستبدالهم بآخرين.
في سياق آخر، أطلقت قبائل بني الحارث دعوة في 21 سبتمبر/أيلول “للنكف المسلح” ردًا على سجن الحوثيين ثمانية من كبار المشايخ ممن رفضوا دفع جبايات إضافية على أراضيهم في بير الراعي، شمال شرق العاصمة صنعاء. تفيد تقارير بأن المشايخ كانوا من أنصار الحوثيين وزودوا الجماعة بمقاتلين شباب لتعزيز الجبهات الأمامية. صدر بيان في أعقاب تجمهر قبائل بني الحارث في 22 سبتمبر/أيلول، يطالب بحبس محمد علي الحوثي نفسه مع المشايخ.
من جهة أخرى، أجبرت قوات الحوثيين في 21 سبتمبر/أيلول التجار في جميع أنحاء المحافظة على طلاء أبواب متاجرهم باللون الأخضر، وتركيب الأضواء والزينة، وتعليق لافتات تحمل شعارات تحتفل بالمولد النبوي الشريف. كما طُلب من كل متجر دفع رسوم سنوية بدعوى المساهمة في تمويل الاحتفالات القادمة، بحيث أصبح فرض الجبايات المتربطة بالأعياد الدينية المتزايدة وغيرها من الاحتفالات التي يرعاها الحوثيون مصدر دخل كبير بالنسبة للجماعة.
ملحوظة من المحررين: ورد خطأ في النسخة السابقة من هذا النص، مفاده أن الصحفي فؤاد مسعد مؤيد لإحدى الأحزاب السياسية. يعتذر مركز صنعاء عن هذا الخطأ غير المقصود.