في 7 أبريل/نيسان، أعلنت السعودية والإمارات تقديم كل منهما مليار دولار أمريكي كدعم مالي جديد للبنك المركزي اليمني في عدن. كما تعهدت الرياض بتقديم مليار دولار آخر لدعم مشاريع التنمية وتمويل واردات الوقود في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. جاء هذا الإعلان ضمن مخرجات مشاورات الرياض، وكان لوقعه رد فعل فوري ودراماتيكي في قيمة العملة اليمنية.
شهدت عدن، التي يغلب فيها تداول “الطبعة الجديدة” من الريال -التي أصدرها البنك المركزي اليمني في عدن عام 2017 -تقلبات حادة في سعر الصرف بعد الإعلان. خلال اليوم الأول، استعادت العملة ما يصل إلى 40٪ من قيمتها مقابل الدولار قبل أن تخسر الكثير من تلك المكاسب سريعًا. تشير المعلومات المتواترة إلى أن المضاربة في سوق العملات أدت إلى تعزيز هذا التقلب، حيث حددت العديد من شركات الصرافة سعر بيع أعلى بكثير للنقد الأجنبي من سعر الشراء، وغالبًا ما كانت ترفض بيعها تمامًا خلال هذه الفترة؛ وهو مؤشر قوي على أنها تتوقع انخفاضًا لقيمة الريال مرة أخرى، ما يسمح لها بالاستفادة من مراجحة أسعار الصرف. انحسرت هذه التقلبات الشديدة إلى حد ما الأيام التالية. في عدن، اقترب معدل صرف الريال بداية شهر أبريل/نيسان من 1250 مقابل الدولار، إلا أنه ارتفع إلى 885 ريالًا بحلول 17 أبريل/نيسان، قبل أن يفقد مكاسبه مرة أخرى ويغلق الشهر بقيمة تداولية تقارب 1000 ريال للدولار الواحد.
أما في صنعاء، حيث فرضت سلطات الحوثيين حظرًا صارمًا على تداول الطبعة الجديدة من الريال اليمني ورقابة مشددة على سعر صرف الطبعة القديمة من الريال، كان تقلب العملة أقل حدة بكثير. ولذا فإن حدوث أي تغير في سعر الصرف كان له وقع ملحوظ، حيث استمر تداول طبعة الريال القديمة على هامش تقلب محدود بحوالي 600 ريال للدولار منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2019. في اليوم التالي للإعلان السعودي الإماراتي، ارتفعت قيمة الريال بنسبة تصل إلى 16٪ قبل أن تتراجع قليلًا، وبحلول منتصف الشهر استقر سعر الصرف بين 560 و565 ريالًا للدولار.
في أثر مماثل، أدى الدعم المالي السعودي للبنك المركزي اليمني في عدن عام 2018، والذي بلغ مجموعه أكثر من 2.2 مليار دولار، إلى انتعاش قيمة الريال واستقراره، وكان له آثار واسعة النطاق في كافة جوانب الاقتصاد من حيث خفض أسعار السلع الأساسية، لينعكس في تحسن واسع النطاق على الوضع الإنساني المتردي في اليمن. بحلول أوائل عام 2020، كان البنك قد أنفق معظم هذا الدعم، وشهدت بعدها قيمة الريال في مناطق سيطرة الحكومة انخفاضًا مطردًا تخللته فترات من التقلبات الشديدة، ما أثر سلبًا على الوضع الإنساني والاستقرار السياسي والاجتماعي.
يعكس ارتفاع قيمة الريال في أبريل/ نيسان توقعات المضاربين بالعملات بأن البنك المركزي في عدن سيستعيد قريبًا قدرته على القيام بتدخلات كبيرة في سوق العملات الأجنبية، مما يخفف الضغط النزولي على قيمة الريال. ومع ذلك، شهدت مزادات بيع العملة المحدودة نسبيًا التي نظمها البنك المركزي للبنوك التجارية في 5 و12 و18 أبريل/ نيسان، باستخدام منصة Refinitiv، أقل نسبة من المشاركين، حيث باع البنك ما يقرب من 21٪ من أصل 60 مليون دولار كانت معروضة للبيع. من المرجح أن يكون سبب تردد البنوك في شراء العملات الأجنبية خلال شهر أبريل/ نيسان مرده إلى التقلبات الشديدة في أسعار الصرف. على سبيل المثال، كان السعر المعلن للدولار خلال المزادين الأخيرين 950 ريالًا، وهو سعر قريب من السعر المتداول في السوق الموازية أو أعلى منه.
يأتي الدعم المالي السعودي والإماراتي بينما تواجه جهود الإغاثة الدولية في اليمن نقصًا هائلًا في التمويل خلال عام 2022 -حيث بلغت نسبة تمويل جهود الإغاثة أقل من 40٪ وقت الإعلان -مما أدى إلى تراجع واسع النطاق في عمليات تسليم الأغذية والمساعدات.
هدنة تخفف من أزمة إمدادات الوقود والأسعار المرتفعة
تضمن إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عن هدنة لمدة شهرين في 2 أبريل/نيسان شروطًا تسمح لـ 18 سفينة وقود بالرسو وتفريغ حمولتها في ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون. كانت السلطات الحوثية قد ألقت باللائمة على سياسة الحكومة اليمنية المتمثلة في إعادة توجيه شحنات الوقود عبر الموانئ التي تسيطر عليها الأخيرة في خلق أزمة وقود استمرت منذ يناير/كانون الثاني. في أعقاب الإعلان، أصبح الوقود متاحًا على نطاق واسع مرة أخرى في محطات الوقود الرسمية، حيث أكدت الحكومة اليمنية تفريغ حمولة سبع سفن وقود في ميناء الحديدة خلال شهر أبريل/نيسان.
رغم زيادة إمدادات الوقود، رفعت سلطات الحوثيين في صنعاء السعر الرسمي للبنزين في 10 أبريل/نيسان، بنسبة 27.3٪ حيث ارتفعت قيمة اللتر الواحد من 495 إلى 630 ريالًا، في حين كانت الكمية نفسها في السوق السوداء تُباع مقابل 850 ريالًا (جميع الأسعار تجري بطبعة الريال القديم). وبالمثل، رفعت وزارة الكهرباء المُدارة من قِبل سلطة الحوثيين الأسعار التجارية في 9 أبريل/نيسان، بنسبة 28٪ تقريبًا، حيث ارتفعت التعرفة من 300 إلى 420 ريالًا للكيلو واط/ساعة. برر عمار الأضرعي، المدير العام التنفيذي لشركة النفط اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء، خلال مؤتمر صحفي الإعلان عن زيادة الأسعار، بأنها تعكس “التكلفة الفعلية” للوقود. لكن مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع قيمة الريال بنسبة 7٪ تقريبًا في أبريل/نيسان، كانت الزيادة الفعلية في الأسعار والإيرادات التي حصلت عليها سلطات الحوثيين بالمقابل أعلى قليلًا.
على النقيض من ذلك، شهدت مناطق سيطرة الحكومة اليمنية تحركات من قِبل السلطات المعنية لخفض سعر البنزين خلال شهر أبريل/نيسان. حيث أعلنت شركة النفط اليمنية في عدن خفض الأسعار بنسبة 16٪، من 1,110 إلى 930 ريالًا، في حين خفضت السلطات في حضرموت الأسعار بنسبة 15.5٪ تقريبًا، من 1,278 إلى 1,000 ريال للتر (جميع الأسعار بطبعة الريال الجديد). عللت كلتا الجهتين هذه التحركات بأنها جاءت استجابة لتحسّن سعر الصرف في أبريل/ نيسان، رغم أن التغييرات في الأسعار لم تكن متوافقة تمامًا مع القيمة المتغيرة للريال. عند حساب الأسعار بالدولار، نجد أن المستهلكين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة دفعوا زيادة تقارب 5٪ في نهاية أبريل/ نيسان مقارنة بأسعار شراء البنزين بداية الشهر ذاته.
استمرار نقص الديزل وغاز الطهي في مناطق سيطرة الحوثيين
رغم إعلان شركة النفط اليمنية في صنعاء انتهاء أزمة الوقود في أبريل/نيسان، استمر النقص في الديزل وغاز الطهي في منافذ البيع الرسمية. ظل الديزل وغاز الطهي متوفرين بشكل عام في السوق السوداء، ولكن بفارق كبير في سعر كل منهما. السعر الرسمي للتر الواحد من الديزل بلغ 870 ريالًا في أبريل/نيسان، إلا أن أولئك الذين اضطروا لشرائه فعليًا دفعوا ما بين 1000 و1200 ريال للتر الواحد في السوق السوداء (جميع الأسعار بطبعة الريال القديم). في الوقت ذاته، انخفض سعر أسطوانة غاز الطهي في السوق السوداء خلال شهر أبريل/نيسان إلى 13,000 ريال بعد أن بلغ السعر 20,000 ريال للأسطوانة الواحدة في شهر مارس/آذار.
بالمقابل خفضت السلطات في كل من عدن وحضرموت السعر الرسمي بنسبة 13٪ تقريبًا، من 1,150 إلى 1,000 ريال للتر (الأسعار بالريال الجديد).
الحكومة اليمنية تعلن ميزانية جديدة
في النصف الأخير من شهر أبريل/ نيسان، أقرت الحكومة اليمنية الموازنة العامة لعام 2022. بلغ إجمالي الإنفاق العام التقديري في الموازنة 3.65 تريليون ريال في حين بلغت الإيرادات التقديرية 3.24 تريليون ريال، بعجز تقديري في الموازنة بنحو 410 مليارات ريال يمني. تجدر الإشارة إلى أن تقديرات الإيرادات في الموازنة قائمة على افتراض أن الحكومة ستستأنف صادرات النفط والغاز على نطاق واسع هذا العام، وهو أمر غير مؤكد على الإطلاق.
التطورات الاقتصادية الأخرى في سطور:
- 7 أبريل/ نيسان: ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها سجلت في مارس/ آذار عدد 7,344 مغتربًا يمنيًا عائدًا من السعودية دون وثائق سفر مقابل 263 ممن يحملون تلك الوثائق. في المجمل سجلت المنظمة الدولية للهجرة حوالي 18,000 يمني عائدًا من السعودية في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022.
- 19 أبريل/ نيسان: التقى محافظ البنك المركزي اليمني في عدن أحمد غالب وكبار موظفي البنك بممثلين عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ووفقًا لبيان صحفي صادر عن البنك، شملت الموضوعات التي نوقشت الوضع الاقتصادي العام في اليمن، وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار السلع الأساسية والوقود، والدعم الفني للبنك لتحقيق الاستفادة الأمثل من الدعم المالي السعودي والإماراتي المقدم مؤخرًا وتبني إصلاحات هيكلية وخطوات لتحقيق الاستقرار المالي وضمان استدامته.
- 19 أبريل/ نيسان: أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي التزام المجلس بمعالجة القضايا الاقتصادية الرئيسية، مثل دفع رواتب موظفي الدولة، وتحقيق الاستقرار في العملة الوطنية، وتحسين تحصيل الإيرادات العامة.