ملخص تنفيذي
التطورات العسكرية والأمنية
أعلنت جماعة الحوثيين (أنصار الله) مسؤوليتها عن سلسلة من محاولات إطلاق صواريخ وطائرات مُسيرة باتجاه إسرائيل. وهدد الحوثيون بمواصلة تنفيذ هجماتهم مع استمرار إسرائيل في عملياتها العسكرية في قطاع غزة. وقد اعترضت سفينة حربية أمريكية أربعة صواريخ في البحر الأحمر بينما توسع الجماعة عملياتها العسكرية التي يمكن أن تهدد خطوط الشحن والملاحة البحرية في المنطقة مستقبلاً.
كان الهجوم الدامي الذي شنته حماس على اسرائيل وما أعقبه من صراع سبباً في إثارة مخاوف من اندلاع حرب قد تمتد رقعتها لتشمل أجزاء مختلفة من العالم العربي، مع احتمالية جر إيران والولايات المتحدة الأمريكية إلى مربع الصراع. وعلى الرغم من استبعاد حصول هذا السيناريو، فإن انخراط الحوثيين في هذه الحرب قد يؤدي إلى شن ضربات انتقامية من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة. فيما يُمثل هذا الصراع من ناحيةٍ أخرى فرصة ذهبية لتنظيم القاعدة في اليمن لتجنيد المزيد من العناصر في صفوفه.
في 21 سبتمبر/ أيلول، نظّم الحوثيون عرضًا عسكريًا كبيرًا بمناسبة ذكرى استيلائهم على العاصمة صنعاء عام 2014م، ثم بدأت بشن حملة أمنية لقمع الاحتفالات بذكرى ثورة 26 سبتمبر/أيلول، والتي مثلت نهايةً لعصر الإمامة وبداية الحكم الجمهوري في البلاد. وأفادت التقارير بأنه تم اعتقال واحتجاز الآلاف من المواطنين، فيما تعرض عدد من الأشخاص للضرب على خلفية مشاركتهم في تلك الاحتفالات، نظراً لما تحمله هذه الذكرى مؤخراً من أهمية رمزية للمقاومة ضد حكم الحوثيين. وشهدت اليمن أيضاً مظاهرات واحتجاجات على مستوى البلاد دعماً لفلسطين طوال شهر أكتوبر/تشرين الأول.
من جهةٍ أخرى، يُمثل الحادثان على الحدود السعودية اليمنية موجة استثنائية ونادرة من الصراع بين الحوثيين ومقاتلين تابعين للتحالف الذي تقوده السعودية، حيث شنَّ الحوثيون في 25 سبتمبر/أيلول، هجوماً بطائرة مُسيرة على الحدود أسفرت عن مقتل خمسة جنود بحرينيين، فيما أسفرت غارة أخرى بعد شهر واحد عن مقتل أربعة جنود سعوديين. وكانت هناك تكهنات بأن هاتين الواقعتين تعكسان وجود معارضة داخلية بشأن التقدم المحرز في محادثات السلام بين السعودية والحوثيين.
وأسفرت المواجهات الضارية التي تشهدها محافظة الضالع عن سقوط عشرات المقاتلين من كلا الجانبين، على الرغم من أنه لم يتم إحراز سوى تقدم بسيط في خطوط المواجهات الأمامية. وتزامن تجدد أعمال العنف مع اغتيال ومحاولة اغتيال قادة عسكريين محليين.
التطورات السياسية والدبلوماسية
أجرى وفد من الحوثيين زيارة طال انتظارها إلى العاصمة السعودية الرياض في منتصف شهر سبتمبر/ أيلول، بالتزامن مع استمرار التقدم في المسار التفاوضي الثنائي مع المملكة العربية السعودية. وواصل الجانبان الضغط على الرغم من الحادثتين اللتين وقعتا مؤخراً على الحدود السعودية، إلى جانب محاولة الحوثيين الانخراط في الصراع الجاري في غزة. وأشارت التقارير إلى تحقيق تقدم في عدد من القضايا الشائكة، بما فيها دفع مرتبات موظفي القطاع العام. ولا تزال الحكومة المعترف بها دوليًا مستبعدة تمامًا من هذه المحادثات، ومن المتوقع أن تقبل بأي اتفاق قد يتمخض عن هذه المباحثات. وكان المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدعو إلى الانفصال في اليمن من أبرز المعارضين لهذه الترتيبات. ومن الممكن أن تؤدي محاولات الحوثيين تنفيذ هجمات ضد إسرائيل إلى تعقيد عملية الإعلان عن اتفاق سلام، لا سيما في حال أفضت هذه المحاولات إلى إثارة ردة فعل انتقامية.
تطرق رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي – في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في شهر سبتمبر – إلى التحديات التي تواجه حكومته جراء الحرب والأزمة الاقتصادية المستمرة. وظهر العليمي برفقة عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، على الرغم من عدم ارتياح كليهما لذلك. ولا تزال الانقسامات تعصف بمجلس القيادة الرئاسي، حيث يعدُّ الزبيدي المدعوم إماراتياً أقوى فصيل في المجلس على الأرجح.
أدت الحملة الأمنية التي شهدتها مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، إلى خلق حالة من الانقسام في المحافظة التي لا تزال تُمثل ساحة صراع بين حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي والفصائل المحلية الموالية لكل منهما، على خلفية اعتقال أكثر من عشرين شخصاً في مداهمات لمنازل المواطنين، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة، حيث طالب حلف قبائل حضرموت بمحاسبة القوات المدعومة من الإمارات التي نفذت العملية، لارتكابها لمثل هذه الانتهاكات، الأمر الذي أثار مزيداً من الاتهامات من جانب القيادات المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظة.
في سياقٍ آخر، أعلنت منظمة “رعاية الأطفال” الدولية أن مدير قسم الأمن في المنظمة هشام الحكيمي، قد توفي في أحد سجون الحوثيين (في 24 أكتوبر/تشرين الأول) بعد أن اختطفته الجماعة قبلها بستة أسابيع. ورغم أن المنظمة كانت على تواصل مع خاطفي الحكيمي إلا أن جهودها كانت دون جدوى. وظهرت منذ ذلك الحين مزاعم تفيد بأن أحد زملاء الحكيمي وشى به لدى سلطات الحوثيين، حيث أبلغهم بأن الحكيمي يبدي اعتراضه على القيود التي تفرضها الجماعة ويسعى إلى نقل المشاريع إلى مناطق أخرى. وتجري المنظمة تحقيقاً في هذه الحادثة، كما علقت عملياتها لفترة وجيزة في شمال البلاد.
التطورات الاقتصادية
نفى رئيس الوزراء معين عبد الملك، اتهامات الفساد الموجهة ضد حكومته، والتي كشفت عنها اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق. وقال عبد الملك إن تقرير اللجنة ينطلق من دوافع سياسية ويُعبر عن جماعات حزبية تضررت مصالحها الخاصة. وواجهت الحكومة انتقادات بشأن تعاملها مع الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بالبلاد، والتي تفاقمت جراء الحصار الذي فرضه الحوثيون عقب هجومهم على موانئ تصدير النفط خريف العام الماضي. وبدون هذا المصدر الأساسي للعائدات، لن يكون باستطاعة الحكومة توفير خدمات الكهرباء وربما ستصبح عما قريب عاجزة عن دفع مرتبات موظفي القطاع العام. علاوة على ذلك، واجهت الحكومة مؤخراً انتقادات شديدة تجاه الطريقة التي تعاملت بها لإبرام صفقة اتصالات مع شركة إماراتية.
انتقد المجلس الانتقالي الجنوبي النهج الذي تتبعه الحكومة في التعامل مع مسألة تقديم خدمات الكهرباء، متهماً الحكومة والبنك المركزي بسوء الإدارة. وفي الوقت الراهن، لا تحصل العاصمة المؤقتة عدن، التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، إلا على ساعتين تقريباً من التيار الكهربائي في اليوم، حيث تم إغلاق المحطات الكهربائية جراء النقص الحاد في الوقود. وأدى انقطاع التيار الكهربائي إلى تأجيج الاحتجاجات في عدن ومحافظات أخرى.
على صعيدٍ آخر، شهد ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين زيادة في النشاط التجاري بأكثر من 50 بالمائة، لاسيما بعد قيام التحالف الذي تقوده السعودية بتخفيف القيود المفروضة على شحن البضائع إلى مناطق شمال البلاد، فيما بذل الحوثيون مساعِ حثيثة لتحويل مسار شحن البضائع من ميناء عدن إلى الحديدة، من خلال ارغام التجار وتهديدهم، الأمر الذي نتج عنه تحويل الإيرادات الجمركية من الحكومة إلى الحوثيون، دافعاً بالحكومة إلى شفا مرحلة الإفلاس. إضافة إلى ذلك، فرض الحوثيون قيوداً جديدة على الشاحنات الثقيلة التي تنقل البضائع من الموانئ، ربما في محاولة لاحتكار عملية نقل وتوزيع المواد المستوردة.
خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، فقد الريال اليمني من فئة الأوراق النقدية الجديدة (العملة المستخدمة في مناطق نفوذ الحكومة) خمسة (5) بالمائة من قيمته، بعد أن شهد انخفاضاً بنسبة أقل خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول. ومن المؤكد إلى حدٍ ما أن هذا الانخفاض في قيمة الريال من فئة الأوراق النقدية الجديدة يُعزى إلى التضاؤل السريع في الاحتياطي النقدي لدى الحكومة من العملة الأجنبية. ومع عدم الحصول على دفعة من المنحة السعودية المتعهد بها لليمن، اضطر البنك المركزي اليمني إلى تعليق مزادات بيع العملات الأجنبية لتمويل استيراد المواد الغذائية.
أعلن البنك المركزي اليمني الذي تديره الحكومة في عدن عن فتح أول مزاد لأدوات الدين العام المحلي (سندات حكومية) بمدة استحقاق قدرها سنة واحدة، حيث تم بيع 28.5 بالمائة فقط، أي بمتوسط عائد قدره 17.7 بالمائة. إلى جانب ذلك، أعلن البنك المركزي عن انضمامه بنجاح إلى منصة بُنى للمدفوعات العربية (BUNA)، وطرح مناقصة عامة لتدقيق حساباته وبياناته للسنوات الثلاث الماضية.
تقرير اليمن – “اليمن في الأمم المتحدة” سابقاً – هو نشرة شهرية يصدرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية. منذ إطلاقها في يونيو / حزيران 2016، تهدف النشرة إلى تحديد وتقييم التطورات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية والإنسانية والحقوقية في اليمن.
لإعداد “تقرير اليمن” يقوم فريق مركز صنعاء في مختلف أنحاء اليمن وحول العالم بجمع المعلومات والأبحاث، وعقد اجتماعات خاصة مع الجهات المعنية المحلية والإقليمية والدولية لتحليل التطورات المحلية والدولية الخاصة باليمن.
هذه السلسلة الشهرية مصممة لتزويد القراء برؤية سياقية شاملة حول أهم القضايا الجارية في البلاد.