إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

تقرير اليمن الفصلي: أكتوبر إلى ديسمبر 2024

متظاهرون موالون للحوثيين يدوسون على صور الرئيس الأمريكي (آنذاك) جو بايدن والرئيس المنتخب (آنذاك) دونالد ترامب خلال مظاهرة في مدينة صنعاء بتاريخ 3 يناير 2025، دعماً لغزة ورفضا للضربات الأمريكية على اليمن // من ملفات صور مركز صنعاء
Read this in English

الملخص التنفيذي

التطورات السياسية والدبلوماسية

سعى زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي إلى ملء الفراغ القيادي على رأس محور المقاومة الذي تقوده إيران، والذي ضعف بسبب الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة والهجمات التي شنتها تل أبيب على حزب الله اللبناني – بما في ذلك مقتل زعيمه المؤثر حسن نصر الله – والسقوط السريع لنظام الأسد في سوريا. مع محاولة إيران تجنب الصراع المباشر مع إسرائيل والغرب، برز الحوثيون كجماعة أكثر استعداداً وقدرة للاستمرار في القتال لصالح المحور، وكان من الملحوظ تحدث زعيم الحوثيين في خطاباته وكأنه يمثل وجهات نظر جميع أعضاء المحور، حيث أدان الحرب في غزة وانتقد السعودية لسعيها للتطبيع مع إسرائيل.

قام الحوثيون بإلغاء المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي (سكمشا) – ذراع سلطة الجماعة المسؤولة عن مراقبة عمليات الإغاثة – وحوّلوا مهامه إلى وزارة الخارجية التابعة لسلطتهم. عُرف عن المجلس تدخلاته في العمل الإنساني وتحويل المساعدات لخدمة أغراض أخرى، علماً بأن خطوة إلغائه جاءت في أعقاب اعتقال واحتجاز العشرات من العاملين في المجال الإنساني في شهر يونيو 2024، على ذمة تهم ملفقة بالجاسوسية والتخابر.

استمرت الانقسامات الداخلية في الحكومة، وكان أحد فصولها الخلاف المحتدم بين مدير مكتب رئيس الوزراء والأمين العام لمجلس الوزراء على خلفية تهم فساد. أقيل الرجلان في ديسمبر إلى جانب شخص ثالث، يُزعم أنه جاسوس معروف لصالح إيران. من جهة أخرى، تصاعدت التوترات بين مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، مع انتشار تكهنات حول تعديلات وزارية واسعة مرتقبة.

اكتسبت الجهود الرامية إلى توحيد صف المعسكر المناهض للحوثيين بعض الزخم، حيث تم الاشهار عن تكتل وطني للأحزاب والمكونات السياسية (ضم 22 حزباً ومكوناً سياسياً مؤيداً للحكومة) بمبادرة من المعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية (المرتبط بالحكومة الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية). تمت مقاطعة المشروع من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال (رغم مشاركته في النقاشات التحضيرية له). من جانب آخر، عقد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي لقاءات خاصة مع الائتلاف الوطني الجنوبي، ومع وفد من حزب الإصلاح، الذي يعد مناوئاً له.

أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية رجل الأعمال القبلي البارز حميد الأحمر، على قائمة العقوبات بتهمة تحويل الأموال إلى حركة حماس. هذا وقد يكون لهذه العقوبات تداعيات على المشهد السياسي، بالنظر إلى إرث آل الأحمر وشبكات المحسوبية الراسخة التي تحظى بها (حيث اضطلع عبد الله الأحمر والد حميد، وشيخ مشايخ اتحاد قبائل حاشد، بدور محوري في السياسة اليمنية في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح). في سياق منفصل، فرضت الولايات المتحدة أيضاً عقوبات على اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين ورئيسها عبد القادر المرتضى، الذي اتهم بتعذيب السجناء.

التطورات العسكرية والأمنية

غيّر الحوثيون استراتيجيتهم في مواجهتهم مع إسرائيل، حيث حوّلوا بوصلة هجماتهم بعيداً عن سفن الشحن التجاري وركزوا عوضاً عن ذلك على أهداف داخل إسرائيل نفسها. زعمت قوات الحوثيين استهدافها المباشر للأراضي الإسرائيلية في 24 مرة على الأقل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2024، مقابل سبع هجمات فقط تم تأكيد وقوعها على حركة الملاحة التجارية خلال الفترة ذاتها، فضلا عن تبنيهم هجمات على قوات البحرية الأمريكية. رغم اعتراض الدفاعات الجوية الإسرائيلية غالبية الطائرات المسيرة والصواريخ الحوثية، نجح القليل منها في اختراق المنظومة الدفاعية وتسببت بأضرار طفيفة. على ضوئه، ردت إسرائيل بشن غارات جوية على البنية التحتية للطاقة ومنشآت الموانئ، في مناطق سيطرة الحوثيين، في حين واصلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة استهداف مستودعات تخزين الأسلحة والصواريخ الحوثية بشكل دوري.

على المستوى المحلي، أرسل كل من الحوثيين والقوات الموالية للحكومة تعزيزات عسكرية كبيرة إلى الحديدة تحسباً لاستئناف القتال العنيف. تفيد تقارير أن أعداد القوات تضاعفت في مديريتي حيس والتحيتا مع قيام الحوثيين بنقل قواتهم واستقدام أسلحة ثقيلة. كما كانت هناك تعزيزات عسكرية في الضالع ولحج، مع تحوّل المواجهات هناك إلى قتال شبه يومي. فضلا عن ذلك، اشتدت المعارك القتالية إلى الشمال والغرب من مدينة تعز خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، حيث اشتبكت قوات المقاومة الوطنية التابعة لطارق صالح، والوحدات الموالية للإصلاح مع المقاتلين الحوثيين.

استمر التنافس العسكري والسياسي في محافظة حضرموت الشرقية الغنية بالنفط. ففي شهر أكتوبر، سيطرت قوات درع الوطن المدعومة من السعودية، والتابعة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي على نقاط التفتيش على طول طريق العبر الاستراتيجي المؤدي إلى شبوة، مما جعلها أقرب إلى حقول ومنشآت النفط في حضرموت. كما كثفت قوات درع الوطن من تجنيد وتدريب المقاتلين السلفيين في حضرموت والمهرة والضالع. بحسب تقارير، أزعج هذا الأمر المجلس الانتقالي الجنوبي الذي سبق وأن دعا إلى نشر المزيد من القوات المدعومة من الإمارات في المحافظات الشرقية لليمن، وكذلك حزب الإصلاح الذي يمتلك وحدات عسكرية موالية له في سيئون. في ديسمبر، استبدل العليمي اثنين من كبار القادة العسكريين الموالين للإصلاح المتمركزين هناك؛ كما أعلن حلف قبائل حضرموت، بقيادة وكيل المحافظة عمرو بن حبريش، عن تشكيل ميليشيا جديدة تدعى “قوات حماية حضرموت”، حيث أصبح بن حبريش من أبرز الداعين إلى مزيد من الحكم الذاتي المحلي والتحكّم بموارد المحافظة.

في سياق منفصل، أفادت تقارير عن استدراج الجيش الروسي لمئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا، بعد إغرائهم بوعود بالعمل بأجر جيد يُمهد للحصول على الجنسية الروسية. ذكرت تقارير أخرى قيام سفينة حربية روسية بإجلاء القيادي بالحرس الثوري الإيراني عبد الرضا شهلائي، أواخر أكتوبر، والذي قيل إنه كان يشغل أحد المناصب العليا في النظام العسكري للحوثيين. بعدها بأيام قليلة، ظهرت أنباء تفيد باتجاه سفينة روسية إلى ميناء الصليف في الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين لتسليم شحنة قمح.

التطورات الاقتصادية

استمرت الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة في التفاقم، حيث أدى نقص الإيرادات إلى تأخر صرف رواتب العاملين في القطاع العام لشهر أكتوبر، لا سيما وان الكثير من الأسر اليمنية تعتمد على هذه المرتبات. وأدى الوضع الاقتصادي المتدهور إلى إضرابات واحتجاجات في عدد من المحافظات بسبب التضخم الهائل الذي قوّض القدرة الشرائية للعاملبن في القطاع العام. في شهر ديسمبر، قدمت السعودية 200 مليون دولار أمريكي للحكومة اليمنية، وهي الدفعة الرابعة والأخيرة من حزمة المساعدات التي تم الإعلان عنها في أغسطس 2023 بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي. مع غياب المزيد من الدعم، يزداد الوضع المالي للحكومة سوءًا.

الريال الجديد المتداول في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، انخفضت قيمته إلى مستويات قياسية، حيث تم تداوله بأكثر من 2,000 ريال يمني للدولار الأمريكي الواحد. لم يتمكن البنك المركزي اليمني بعدن، من وقف الهبوط في ظل تراجع احتياطاته من العملات الأجنبية، ورغم إيداع السعودية 300 مليون دولار أمريكي في البنك المركزي أواخر ديسمبر، استمرت قيمة العملة في التراجع. في المقابل، ظلت قيمة الريال القديم، المتداول في مناطق سيطرة الحوثيون، مستقرًا نسبيًا عند 535 ريال يمني – 539 ريال يمني لكل دولار أمريكي.

كانت الحكومة قد أعلنت عن خطة إصلاح اقتصادي طموحة في شهر نوفمبر، للتعامل مع مأزقها المالي والمشاكل الهيكلية طويلة الأجل. زار وفد من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والبنك الدولي عدن، لاستكشاف سبل دعم الإصلاحات، بما في ذلك تأمين التمويل اللازم لإصلاح القطاعات الرئيسية، مثل قطاع الكهرباء. يُذكر أن عدن والمحافظات المجاورة عانت من انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 20 ساعة يوميًا، وتسببت الأزمة في تعطيل الخدمات الأساسية الأخرى. في غضون ذلك، استمرت الانقسامات في الحكومة وسوء الإدارة ونقص الموارد، في اعاقة المحاولات المبذولة في السابق لتنفيذ هذا النوع من الإصلاحات.

توقع تقرير الرصد المشترك الذي نشرته وكالات للأمم المتحدة والبنك الدولي، أن يحتاج 17.1 مليون يمني، أي نصف السكان تقريبًا، إلى مساعدات غذائية خلال العام 2025، ولا يزال انخفاض قيمة العملة والصراع وعدم الاستقرار الاقتصادي من العوامل الرئيسية المسببة لانعدام الأمن الغذائي، لا سيما في ظل اعتماد اليمن الكبير على الواردات الغذائية. أضاف التقرير أن أكثر من نصف السكان عانوا من عدم كفاية الاستهلاك الغذائي في شهر سبتمبر 2024. تظل التوقعات بشأن الوضع الإنساني قاتمة، حيث تعاني اليمن من نقص حاد في التمويلات المخصصة لخطط الاستجابة الإنسانية. هذا وتتضمن خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لعام 2025، نداءً بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي، لمساعدة 10.5 مليون شخص محتاج، إلا أن هناك مخاوف من عدم الحصول على كامل المبلغ، لا سيما وأن خطة الاستجابة للعام 2024، لم تؤمن سوى ما يزيد قليلاً عن نصف حجم التمويل المطلوب.


تقارير اليمن السابقة

إظهار المزيد