الملخص التنفيذي
تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في اليمن خلال الأشهر الأولى من العام الجاري مع تزايد التصعيد في البحر الأحمر منذ بدء جماعة الحوثيين (أنصار الله) باستهداف حركة الملاحة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023. على ضوء هذه التطورات، جُمّدت محادثات السلام بين المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثيين، ولجأت الولايات المتحدة إلى توسيع نطاق ردها على هجمات الحوثيين عبر تحالف مع المملكة المتحدة لشن غارات على قواعد وأهداف داخل مناطق سيطرة الجماعة في اليمن، وإدراج الحوثيين في قائمة الكيانات الإرهابية العالمية المصنفة تصنيفاً خاص (والذي دخل حيز التنفيذ في 16 فبراير / شباط).
يهدف التصنيف إلى تقييد الأنشطة العسكرية والاقتصادية للحوثيين، لكنه يخاطر في نفس الوقت بعرقلة جهود العمل الإنساني الدولي في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيون بحُكم توقف البنوك وشركات الصرافة عن التعامل مع الكيانات والمؤسسات التي تتخذ من صنعاء مقرا لها. في أواخر مارس/آذار، قامت سلطات الحوثيين بسكّ عملة نقدية معدنية من فئة 100 ريال كبديل للأوراق النقدية المهترئة والبالية، في مؤشر إلى تصعيد الحرب الاقتصادية والتنافس بين فرعي البنك المركزي اليمني في صنعاء وعدن. ندّد فرع البنك المركزي في عدن بهذه الخطوة باعتبارها غير قانونية، وحظر تداول العملة المعدنية، لكن المخاوف الحقيقية هي أن الخطوة ما هي سوى بالون اختبار لسكّ العملات تنتهي بطباعة فرع صنعاء أوراقه النقدية الخاصة (على الأرجح بمساعدة دولة أجنبية) كما فعلت السلطات المتمردة في ليبيا عام 2019.
على صعيد التطورات الأخرى، أزيح رئيس الوزراء معين عبد الملك سعيد عن منصبه كرئيس للوزراء في 5 فبراير/ شباط ليُعيَّن أحمد عوض بن مبارك (الذي كان يشغل وقتها منصب وزير الخارجية) خلفاً له. في 26 مارس/آذار، عُيّن السفير اليمني لدى الرياض شايع الزنداني وزيراً للخارجية، علماً أن كلا الرجلين– بن مبارك والزنداني – لا يحظيان بتأييد مُطلق من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي وهو ما قد يعيق مهامها إذا ما اقترن ذلك بعبء الضغوط المالية التي تواجهها الحكومة حالياً.
استمرت هجمات الحوثيين على حركة الملاحة والسفن الأجنبية العابرة في البحر الأحمر من جهة، والغارات الأمريكية -البريطانية المضادة من جهة أخرى، بلا هوادة، لينتهي الأمر في إحدى الحوادث بغرق سفينة محملة بالأسمدة الكيميائية ووقود الديزل. بلغت حصيلة قتلى الغارات الجوية الأمريكية -البريطانية ما لا يقل عن 37 شخصا على الجانب الحوثي، بما في ذلك بعض من ضباط الحرس الثوري الإيراني – حسب الأنباء. في أوائل أبريل/نيسان، وبعد محادثات مع مسؤولين عُمانيين في مسقط ، بدا المبعوث الأمريكي لليمن آملاً في التوصل إلى تسوية – مع تصاعد التوترات مجدداً بين إيران وإسرائيل وتداعياتها المحتملة على اليمن – حيث اقترح رفع العقوبات عن الحوثيين في حال أوقفوا هجماتهم. في غضون ذلك، تصاعدت التوترات على الجبهات داخل اليمن مع إرسال الحوثيين والقوات الموالية للحكومة تعزيزات عسكرية إلى عدة مناطق، بما في ذلك الحديدة ومأرب. ومع استمرار الغارات الأمريكية – البريطانية، تتزايد الممارسات القمعية في صنعاء ومناطق أخرى، حيث ضيّقت سلطات الحوثيين الخناق في المناطق القريبة من مواقع منصات إطلاق الصواريخ المتنقلة وسنّت قانونا جديدا يحظر أي شكل من أشكال التأييد والدعم لإسرائيل – وهو قانون بات يُطبق كأداة أخرى لسحق المعارضة.
على صعيد آخر، أعلن فرع تنظيم القاعدة في اليمن في مارس/آذار، وفاة زعيمه خالد باطرفي الذي قيل أنه توفي بعد عدة أشهر من المرض. نُصّب سعد العولقي كأمير جديد لفرع التنظيم، وهو شخصية يمنية بارزة تربطه علاقات قوية مع قبائل شبوة ويحظى بشعبية بين عناصر التنظيم الأصغر سنا، إلا أن علاقاته مع الزعيم الفعلي للتنظيم الأمّ ، سيف العدل الذي يتخذ من إيران مقرا له، تشوبها توترات. هذا وكان تنظيم القاعدة قد أعلن أيضا وفاة نجل سيف العدل، المكني بـ “ابن المدني”، نتيجة حريق شبّ في المكان الذي كان يقيم فيه في مأرب، إلى جانب وفاة خالد الصنعاني – أبرز مهندسي الطائرات المسيرة بالتنظيم – في حادث مروري حسبما أُفيد – وهو ما أثار تكهنات حول احتمال وجود مخطط لتصفية المنافسين مع صعود العولقي كأمير للتنظيم.
تقرير اليمن – “اليمن في الأمم المتحدة” سابقاً – هو نشرة شهرية يصدرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية. منذ إطلاقها في يونيو / حزيران 2016، تهدف النشرة إلى تحديد وتقييم التطورات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية والإنسانية والحقوقية في اليمن.
لإعداد “تقرير اليمن” يقوم فريق مركز صنعاء في مختلف أنحاء اليمن وحول العالم بجمع المعلومات والأبحاث، وعقد اجتماعات خاصة مع الجهات المعنية المحلية والإقليمية والدولية لتحليل التطورات المحلية والدولية الخاصة باليمن.
هذه السلسلة الشهرية مصممة لتزويد القراء برؤية سياقية شاملة حول أهم القضايا الجارية في البلاد.